قبل سنوات حينما كان التنافس بين الأندية الجماهيرية على نجوم الدوري السعودي كانت الأندية تتنافس لخطف اللاعبين لتسديد ثغرات الفريق الفنية، وتطعيم دكة البدلاء لموسم طويل، ومشاركات مرهقة. ورغم أن قيمة بعض اللاعبين ارتفعت نتيجة المزايدات بين هذه الأندية إلا أن عدد اللاعبين الأجانب الأربعة كان غير كافٍ؛ فكان هذا التنافس مبررًا.
بعد هذه الفترة لم ينجُ من تضخم الفاتورة المالية لهذه الأندية إلا ناديا الهلال والأهلي اللذان كانا يحظيان بعقود رعايات عالية، أسهمت في تخفيف أعباء الديون، ومضت بهما إلى طريق آمن بعيدًا عن المطالبات وغرفة فض المنازعات والعقوبات.
هذه الحقبة ألقت بظلالها على الأندية السعودية التي غابت عن المشهد القاري بسبب الفاتورة الضخمة، وهروب محبين من تحمُّل فواتير مرحلة سابقة لإدارات مارست العمل بعشوائية.
اليوم، وبعد مُضي موسمين على حضور 7 محترفين أجانب، كان الهدف الأساسي من هذه الخطوة هو رفع المستوى الفني، إضافة إلى خفض قيمة اللاعب السعودي، إلا أننا نشاهد أن قيمة اللاعب السعودي واصلت التضخم مرة أخرى، بل إن هذا التضخم لم يتوقف أساسًا.
لكن استمرت الدولة -حفظها الله- بتصفير ديون الأندية، واستمرت الأندية بتضخيم الفواتير. ولعل مَن يشاهد سوق الانتقالات المحلية بعد حضور المحترفين الأجانب السبعة، والقضايا المرفوعة، والأرقام المعلنة، بخلاف ما نصت عليه لجنة الاحتراف (المليونين والثلاثمائة ألف ريال)، سيعرف أن الفاتورة ستتضخم أكثر من السابق.
عبدالفتاح عسيري لم يكن أول اللاعبين السعوديين الذين تضخمت عقودهم، ولم نشاهد ما يوازي هذا التضخم داخل الملعب، وهو لن يكون الأخير، ولكن إلى متى؟!
ما هي الضمانات التي توفرها الأندية لوزارة الرياضة لعدم تكرار الديون، ورمي هذا الهدر المالي على كاهل الدولة؟ هل الحوكمة والمسؤولية التضامنية حل؟
أعضاء الشرف يقدمون جزءًا من المبلغ، ويظهرون في البداية ثم يختفون عند أول خلاف، ولا يلتزمون بوعودهم، وتتورط الأندية في هذه العقود والمبالغ الضخمة.
الحلول كثيرة ومتاحة، أهمها الخصخصة وتحويل هذا المشروع الحلم إلى واقع. وهو قرار يحتاج إلى شجاعة «مسؤول» لكي يحاسب المساهمون صانع القرار في النادي، ويصوّبوا الأخطاء الداخلية لصناعة قرار رشيد؛ لأن كل قرار سيلامس أموالهم الخاصة لا أموال الدولة.
«تصويبات»
* لا أعول كثيرًا على لوائح لجنة الاحتراف والحوكمة والمسؤولية التضامنية في الأندية التي يمكن خرقها لضبط الهدر المالي؛ لأنها أوراق فقط. ولعلنا نتذكر تقدُّم النادي الأهلي في الحوكمة ورقيًّا، ولكنه ماليًّا وعمليًّا متورط!!
* من حق الأندية أن تبحث عن اللاعب الذي تعتقد أنه يضيف لها فنيًّا، ولكن دور وزارة الرياضة واتحاد القدم حماية الأندية أثناء الفترة المحمية للاعبين، وإشراك جهات رقابية كثيرة لتحقيق العدالة.
* القانون يكتسب قوته من الشخص الذي يشرف عليه ويفرضه لتحقيق العدالة، وبدون حسابات أخرى، وعلى الجميع.
* في فترة سابقة كان الاتحاد يخطف النجوم بالإغراء المالي، ثم الأهلي، واليوم النصر، وكان الهلال يلعب على أهم عنصر في المعادلة «اللاعب».
تراجع الاتحاد والأهلي، وإذا استمر النصر سيتراجع، وسيبقى الذي يعطي اللاعب ما يستحق فقط.
* 12 مليون ريال بشيك مصدق للاعب، 5 ملايين وتسعمائة ألف سنويًّا رواتب لثلاث سنوات مع السكن. ماذا تبقى للاعب من طموح؟!
* حينما ظهرت إشاعة دخول الهلال للتفاوض مع عسيري تم نفيها، ورغم ذلك طالبوا بتحقيق، وحينما خرجت معلومة مؤكدة لتدخُّل غيره في الفترة المحمية قالوا «مبروك هذا احتراف». نسوا أن هذا انحراف، وعدم إنصاف لناديهم أولاً.
* ضجّت الدنيا لأجل باص، وتم التحقيق. وضجت الدنيا لأجل أصبع مزوّر، وتم التحقيق. ومخالفة بيتروس مرت مرور الكرام رغم أن أثرها أبعد من تأثير باص!
«مباشرة» حادثة العويس تتكرر. دافعوا عنها بالأمس، واكتووا بنارها اليوم.
** **
- بسام اللحياني
@bassamh02