رقية سليمان الهويريني
يعد صدور الأمر الملكي بخصوص استقلال ثلاث جامعات سعودية وفق نظام الجامعات الجديد قرارا تاريخا، يفتح المجال واسعا لنقاشه بعد أن كانت الجامعات تلقي بثقلها المادي على الحكومة. ويتمحور النقاش حول المبالغة بقبول أعداد هائلة من الطلبة، لاسيما في التخصصات النظرية.
وكثيرًا ماناديت بتقليص القبول في الجامعات وقابلني المطالبون بالتوسع في التعليم الجامعي بشراسة باعتبار أنه حق للجميع، وأحد عوامل المعرفة!
والحق أن الجامعات قد بالغت بالقبول خلال السنوات الماضية لاسيما في المجال النظري كالتخصصات الإنسانية التي لاتصب في مصلحة سوق العمل عدا عن ضعف مدخلاتها. وكان ينبغي ترشيد قبول الطلاب المتخرجين من الثانوية، والاقتصار على المتميزين أكاديميا، والسعي لرفع معدلات القبول وتفعيل القياس والقدرات في ظل كرم بعض المدارس الأهلية في منح الدرجات لكثير من الطلبة.
كما أن بعض التخصصات العلمية لم تكن مدروسة بصورة كافية في الجامعات، حيث يتخرج الطلبة ويبقوا عاطلين لأنهم لم يخضعوا لتدريب كاف. ولك أن تتخيل كمية الأخطاء الناتجة دون تدريب، وإن حصل التدريب فكم استغرق من الوقت؟ بما يعني أن أربع سنوات ذهبت هدراً! بينما يتم استقطاب مؤهلين لتوظيفهم حتى دون الدرجة الجامعية، بما يعني أننا بحاجة لاستراتيجية جادة وتنفيذها بمراحل وبمراقبة دقيقة وتقويم مستمر.
ولو نظرنا للدول المتقدمة لوجدنا أنها تخطط وتجهز الوظيفة للطفل حال ولادته، بحيث يكون بديلاً لمتقاعد أو يتم توليد وظائف تناسب العصر. لذا لابد من التوجيه المبكر لاختيار التخصص الجامعي.
وتتطلب المرحلة القادمة تعزيز النظرة الإيجابية للعمل المهني، ولن تتأتى إلا بإرادة سياسية من خلال فتح المجال للمواطن المهني ودعمه ماديًا ومعنويًا عن طريق تأجيره مصنعًا أو ورشة تنتهي بالتمليك، ومنحه سكناً مناسباً ومكانة لائقة كما فعلت الحكومة سابقاً بإغراء الشباب للانخراط في العسكرية.
ولو علم الطالب الجامعي بما يكسبه الميكانيكي في ورشة مجهزة، والكهربائي في ورشته؛ لترك مقعده الجامعي غير مأسوف عليه، لأن الكسب هو مؤشر نجاح العمل. وإذا صدقت الرغبة وجدت الطريقة.