مها محمد الشريف
خلال هذه الفترة التي يعيشها العالم مع فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 تغيّرت كثير من الخطط والمسارات وأسلوب الحياة، وتوقف العالم في محطات مختلفة للبحث عن فرصة لعودة الحياة إلى طبيعتها، ومعالجة مرحلة حرجة، وتأدية ما هو مناسب لها ولهذا الظرف الطارئ. وتجاوزت الخطوات الصغيرة إلى خطوات عملاقة بوضع خطط واضحة وواقعية وإتقان النتائج للوصول إلى الأهداف المرجوة.
في هذا الشأن أوضحت وزارة الحج والعمرة أن المعايير الصحية ستكون هي المحدد الأبرز لاختيار الحجاج في الموسم الحالي نظرًا لانتشار الفيروس، بما يحد من مخاطر نقل العدوى. وبحسب وكالة الأنباء السعودية «واس» فإن نسبة غير السعوديين من المقيمين داخل المملكة جرى تحديدها بـ70 في المئة من إجمالي حجاج هذا العام، على أن يتم تخصيص حصة 30 في المئة للسعودية. ويقتصر حج المواطنين السعوديين هذا العام على موظفي الصحة ورجال الأمن المتعافين من كورونا. وسيتم اختيار الحجاج من خلال قاعدة بيانات المتعافين من الفيروس، ممن تتوافر فيهم المعايير الصحية.
وانطلاقًا من حرصها الدائم على تمكين ضيوف بيت الله الحرام وزوار مسجد المصطفى -صلى لله عليه وسلم- من أداء مناسك الحج والعمرة في أمن وصحة وسلامة، حرصت منذ بدء ظهور الإصابات بفيروس كورونا على اتخاذ الإجراءات الاحترازية لحماية ضيوف الرحمن. والعام نفسه يخضع لإجراءات مشددة بهدف الوقاية؛ فقد قامت المملكة بتعليق قدوم المعتمرين، والعناية بالمعتمرين الموجودين في الأراضي المقدسة، وكان قرارًا حكيمًا، ووجد مباركة إسلامية ودولية لما له من مردود إيجابي، ووُصف بالنموذجي، وتوافق مع حجم الجائحة.
لذلك منذ بداية الوباء كانت المملكة من الأوائل الذين أدركوا هذا الخطر، ووعيها البالغ كفل السلامة للمواطن والمقيم، وبرهنت هذه الاحترازات على حرص خادم الحرمين الملك سلمان -حفظه الله- وحكومته؛ فالمملكة تضع خدمة ضيوف الرحمن في مقدمة غاياتها وأهدافها مهما كانت التكلفة. وفي هذا العام رغم ظروف جائحة كورونا التي شلت الاقتصاد العالمي إلا أن المملكة حرصت على إقامة شعيرة الحج وفق أفضل ما هو ممكن للحفاظ على صحة وسلامة الحجيج من خلال الإجراءات التي أقرتها، ولم تضع الحسابات الاقتصادية فيما تقوم به، بل سخرت كل الإمكانيات والجهود لحج آمن كما تقوم بذلك كل عام، لكن يضاف لذلك ما فرضته هذه الجائحة على العالم من حجر وقيود بكل الدول.
وكانت المملكة قد قدمت مبادرات عديدة لقطاعات الخدمات في مكة المكرمة والمدينة المنورة بسبب تأثرها بالإقفال الكبير خلال الفترة الماضية، وكذلك حاليًا؛ إذ يمثل موسم الحج والعمرة جُل نشاطها، ومع ذلك فإن حكومة المملكة أثبتت دائمًا أن العناية بالمشاعر المقدسة وخدمة ضيوف الرحمن مقدمة على أي اعتبار اقتصادي.