د. محمد عبدالله العوين
لا شك أن المبالغ المالية الضخمة التي نهبها سعد الجبري من خزينة الدولة - حسبما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال - التي تزيد في مجملها على 70 مليار ريال سعودي موجعة، وكانت حق الوطن تقام بها مشروعات، بدل أن تذهب إلى جيوب منتفعين من حاشية وأقرباء المتهم والعاملين معه والمنتفعين من أصحاب الشركات الغربية الصناعية خلال مدة نيفت على سبعة عشر عاما من توليه ملف مكافحة الإرهاب؛ حيث كان الرجل الثاني في وزارة الداخلية.
موجع إلى حد الفجيعة هذا القدر الكبير من استغلال المنصب، ولو كان هذا الإيذاء من عدو لكان متوقعا ومنتظرا؛ لكن الفاجعة حين تطعن في الظهر ممن كان يفترض أنه حارس أمين أنيط به تعميق شعورك بالأمان والاطمئنان.
ألم غير محتمل أن يوضع هذا الرجل في موقع مهم من مواقع وزارة الداخلية ثم لا يمضي بهمة وإخلاص لانتزاع أفكار التطرف والإرهاب؛ بل يسير في الاتجاه الآخر المعاكس بغرس بذور التطرف وتعضيد رموزه ودعاته بشتى الصور وعبر مختلف الأساليب؛ بحيث يحظون بفرص الظهور المؤثر عبر وسائل الإعلام، وتحشد لهم الجماهير تحت مختلف المسميات، فتقدم رموز تنظيم الإخوان على أنهم دعاة محبة وسلام وتعايش مع أطياف المجتمع كافة، بما عرفوا به من كفاءة عالية في التلون وارتداء الأقنعة.
وإذا كانت القدرة على الإحاطة بمعرفة الاختلاسات المالية على الرغم من بشاعتها ممكنة؛ فإن الأكثر إمعانا في التستر والغموض وعدم الوضوح ما لا يلحظ ولا يرى بالعين المجردة؛ وهو (المنهج الخفي) الذي تسير عليه الجماعة الإرهابية ومن يعمل معها.
ويتطلع كثيرون من المهتمين إلى الإجابة على هذه التساؤلات المرة:
من الذي منح سلمان العودة فرصة الظهور في برنامج (حجر الزاوية) مدة شهر رمضان أربع سنوات متتالية في قناة mbc؟! وقد كان محور حديثه خلال السنوات الأربع (التغيير) ونحن نعلم ما التغيير الذي يريده. إنه الانقلاب الكامل على الواقع!
من الذي أمر بطباعة أحد كتبه على نفقة وزارة الداخلية؟ ومن الذي سهل عرض كتابه البائس المحرض (أسئلة الثورة) في معرض الكتاب 1433 هـ 2012م، واستمر طيلة أيام المعرض ولم يسحب إلا قبل يوم من إغلاقه بعد أن تابع أمره المخلصون؟
كيف استطاع بناء علاقة عميقة مع أعضاء (يوتيرين) وكثير منهم أظهر مواقف عدائية ضد قيادة الوطن ودعا إلى تقسيمه؟!
وبدا سلمان العودة بينهم وكأنه حاضن هذا التجمع الليبرالي الإخواني المناطقي العنصري ضيق الأفق.
من الذي اختار شخصيات المناصحة، وفيهم متطرفون يحتاجون إلى مناصحة وعلاج نفسي؟!
من الذي أمر بإطلاق سراح عدد من الإرهابيين الموقوفين بحجة توبتهم؟ ومنحَهم مبالغَ كبيرة للزواج وإنشاء مشروعات، ثم فوجئنا بتنفيذ عدد منهم عمليات إرهابية.
من منح أحد المتطرفين عشرات الملايين ليدعم نفرا غير قليل من زمرته الموقوفين وغيرهم من الطلقاء؟ وقد اعترف هذا الوسيط الموقوف الآن بتلك المبالغ المليونية عبر إحدى محطات التلفزيون.
كل عام وأنتم بخير وصحة وسعادة.
كل عام وهذا الوطن وقيادته الكريمة في عز وسؤدد.