منذ أن اكتشفت أن زوجي خانني وتزوج سراً، وأنا أشعر بنفور شديد منه، وعلى الرغم من أنه قام بتطليقها على الفور وبمجرد علمي، واعترف بخطئه، وأنه لا يحب أو يرغب إلا بي، ووعدني بألا يكرر ذلك، واعتذر لي مراراً، إلا أن قلبي لم يصفو له، نعم قد أرضى لأيام، ولكن وبمجرد ما أن ينشب بيني وبينه خلاف حتى أتذكر ما فعله بي، ويزداد شعوري بالغضب والرغبة بالانتقام، حياتي أصبحت لا تطاق، لأنه يبدو أني ما زلت أعاني من الصدمة، ماذا أفعل لتعود حياتي تسير بشكل طبيعي على الأقل؟.
الاستشارة :-
في البدء لننحي موضوع زواج زوجك السري جانباً؛ قد تستغربين من ذلك باعتبار أن هذه المسألة هي التي فجرت الخلاف، وأشعلت الغضب، وخدشت العلاقة، ولكني لا أراها كذلك؛ فهي نتيجة وليست سبباً، وهي نزوة عابرة، وحالة عارضة ولم تدم، وقد اعترف بخطئه في حقك. ولو أخذنا ذلك بعين الاعتبار معنى ذلك؛ بقاء الغضب حاضراً، واقفاً بجوار الباب في حال انتظار، وكل ما عليك هو استدعاؤه لحياتك، باستمرار، ولأدنى سبب، وستبرر لك نفسك أن ذلك الغضب بسبب فعلته!. ومن ثم مسلسل المعاناة والغضب مستمر وباق، فيفضي ذلك إلى مزيد من معاناة من ألم يزداد غوراً، وأنك تعبثين بجرحك كلما كاد يندمل، وكذلك فإن مشاعر الزوج ربما تنقلب من استعطاف واسترضاء إلى كراهية وبحث عن منفذ للراحة. إذاً بقي علينا أن نضع نقطة واحدة على السطر، وننهي الموضوع.
ابدأي بنفسك، وانتهي بنفسك، ذكرتي في توصيف معاناتك (لم أنقلها لطولها) أنك كابدتي وقاسيتي معه كثيراً حتى تجاوز حالات كثيرة من التقتير وقضاء الديون، والإنفاق على أهله، وبناء بيت، وهذا ينم عن أصالة معدنك ووفاء عشرتك.
بقي أن تقفي قليلاً مع نفسك: اسأليها هذه الأسئلة:
ما الذي كان يدفعني لتقديم التضحيات السابقة ؟ أهو الحب أم الرغبة في القبول والخوف من رفض الزوج والمجتمع لي ؟!
فإن كان الحب، فتضحياتك لازالت باقية بل ونامية، ولم تضيع على الإطلاق. ستجدين أثرها في أبسط تفاصيل حياتك الزوجية والأسرية؛ ولا أدل على هذا من استمرارية حياتك الزوجية بطابع يغلب على أيامه الهدوء، وكذلك سرعة قرار زوجك بالإصلاح وبالتخلي عن زوجته الثانية (وهذا ظلم آخر اقترفه بحق الثانية، ولكن ليس هنا مكان مناقشته) فالمطلوب التركيز على آثار الحب في حياتك.
أما إن كان الذي حملك على تضحياتك طول حياتك الزوجية، هو لمجرد الخوف من استياء زوجك، وسخطه عليك ووو، فهذه المخاوف مجرد أوهام لا أساس لها، هي فقط تزيد من فرض القيود عليك، تخلصي منها، قبل أن تتدخل لتشكيل كافة قراراتك في كافة نواحي حياتك، والتخلص منها فقط بالانتباه لها وإعادة توجيه النية.
س 2: - ما الذي كنت أنتظره من أهداف وتحقق، والأهداف التي لم تتحقق بعد، من وراء حياتي الزوجية؟ فاضلي بين ما تحقق وما لم يتحقق بعد، وأجري عملية موازنة بينهما؟
ثم اسألي نفسك هل الأهداف التي بلغتها تستحق التضحيات التي قدمتها مثل: (السكينة - الاستقرار - الحكمة والوعي من تجارب الحياة - نشأة الأولاد أمام ناظريك- تملك البيت - توسعة علاقات -،،،)؟ وهل الأهداف التي لم تتحقق بعد تستحق مزيداً من الانتظار؟.
3- انتبهي لتفاصيل الحياة الجميلة التي تحيط بك وبأسرتك، امتني كثيراً لها، بدلاً من التركيز على تجربة خاطئة قام بها زوجك. والمستفيد من ذلك بالدرجة الأولى هو أنت، ستتنعمين بالهدوء وراحة البال، وستعودين لنفسك من جديد.
4- لا تستمدي تقييمك لنفسك من خلال تقييم زوجك لك، ولا تستندي في تقييمك لحظك ولحياتك بأكملها من خلال مستوى علاقتك بزوجك وتصرفه معك، وربما تكون هذه النقطة تحديداً هي ما تغضب الزوجات وتشعرهن بالتعاسة وتثير انفعالاتهن تجاه أزواجهن. عودي لنفسك من جديد بالاحتواء، والمصالحة والتقدير والشكر، والإصلاح، دون تقليل من قدرك، ودون أن ترفعي من حجم تضحياتك وسقف توقعاتك فتخسرينهما معاً.
5- تذكري أن المعاناة هي جزء من طبيعة الحياة وليست كلها. وأنت محظوظة؛ فلقد مرت بك سنوات طويلة، كنت خلالها تتنعمين بالسلام والراحة، وجاءت هذه التجربة، لتنفض حالة الرتابة والهدوء التي طغت على حياتكما، وتخرج ما بداخلها من أخطاء، وتعيدكما لحالة من الرضا والشكر والتركيز على الخير الكامن في كل منكما، ومن ثم الاقتناع به، وتذكري تصريح زوجك لك مراراً، بعدم رغبته بالمرة بتكرار الزواج بأخرى، وهذا الوعد والتصريح لم يكن ليجيء إلا بعد تجربة زواجه السري والقصير تلك.
6- للاستغفار، تأثير عجيب في شفاء وترميم وإصلاح، كل نقص وخطأ وقع ظاهراً أو باطناً نعرفه وندركه أو نجهله ويخفى علينا.
للاستشارات Hoda.mastour@gmail.com
** **
- هدى مستور