وظّف بيت دوكتر طاقَماً لِكتابَة قِصّة الفيلم، وبعدَ البَحث المُستَمر وقعَ اختيارُهم على عقلِ فتاة لتدورَ أحداثُ القِصّة بِه، وذلِك بسبب البُحوثات التي أظهَرت أنّ الفتيات بينَ سِن 11 و17 أكثَر إظهاراً لمشاعِرهن وعواطِفهن وأكثَر تغييراً في بُنيَتِهن من الفتيان.
ولكن: أين تعيش تلك المشاعر حقًّا؟ هكذا اختارت استوديوهات بيكسار للرسوم المتحركة وأفلام والت ديزني تقديم فيلمهما «قلبًا وقالبًا» (عام 2015) الذي يتعمق في العلوم العقلية. يأخذنا الفيلم إلى رحلة داخل العقل، نكتشف من خلالها، نجاح التجارب الإنسانية وفشلها أيضًا؛ فتتجسد أمامنا تلك الأصوات داخلنا في إطار مغامرة كوميدية ودرامية. تدور أحداث قصة الفيلم حول مشاعر مقسمة إلى خمسة أقسام أساسية وهيَ: الخوف، والغضب، والحزن، والفرح، والاشمئزاز. تدور أحداثها في دماغ طفلة (رايلي) وهيَ التي ظَهرت في الفيلم، مولودة بين ذراعي والديها، ثم طفلة تختبر الحياة، إلى أن تصل لسن البلوغ: 12. ومنذ طفولتها الباكرة، استسلمت لسيطرة شعور البهجة، التي استطاعت معها إشاعة المرح في جو عائلتها الأسري، وتجاوز كثير من الصعوبات، إلا أنه اختلف الأمر كثيرا حينما قرر والداها الانتقال إلى مدينة أخرى، وحين انتقلت إلى أجواء المدرسة الجديدة لم تحتمل رايلي، السؤال العاطفي الذي وجهته معلمتها لها حول مدينتها السابقة، وعلى الرغم من الصراع الدائر داخل عقلها حول عدم السماح بالحزن من الظهور إلا أن البهجة في تلك اللحظة أظهرت ضعفاً كبيراً ولم تقو على الاستمرار في المقاومة أمام أنظار الزميلات الغريبة الموجهة له، وأمام وطأة الحزن والحنين لأصدقائها وبيتها القديم, اختل التوازن بين أدوار مشاعرها جعل البهجة تختفي من حياتها، ومعها الحزن كذلك، حينما تنجرف «البهجة» و»الحزن» دون قصد بعيدًا عن عقل رايلي إلى عالمها الداخلي الأوسع لتعيش حياة تسيطر عليها مشاعر الغضب السريع، ويقودها الخوف المدمر، والاشمئزاز من كل شيء ففقدت مع ذلك طعم الحياة!. لم تفلح محاولات والديها في إخراجها من حالة الصدمة تلك، وهم في الوقت نفسه عاجزين عن المحافظة على التوازن بين أدوار المشاعر المسيطرة في داخلهما؛ فالأب شعور الغضب يبقى هو المتحكم بقبضته في حين أن الأم يقوم الحزن بدور البطولة في داخل عقلها وكذلك حياتها وحين يحتدم الصراع بين الأبوين فلا بأس من استدعاء حلم البطل البرازيلي الوسيم لإشغال الفجوة!. تبدو مشاهد الفيلم خلال الدقائق الأولى من متابعته، خاص بالأطفال، وهو ولاشك يساعدهم للوصول إلى الوعي الذاتي بما يدور بداخلهم في مراحل مبكرة من عمرهم، ويشجع الآباء أيضًا على مساعدة أبنائهم في بناء مفرداتهم الخاصة بالمشاعر والمهارات التواصلية في الوقت نفسه، حبكة القصة،فكرته، والسيناريو الدائر بين أدوار المشاعر الرئيسة المتحكمة، تأخذك إلى مساحات بعيدة من التفكير تارة بتذكر الماضي والمواقف المشابهة التي مررت بها وكذلك التفكير حول حقيقة ما يدور بداخل عقل الإنسان، ومن المتحكم بزمام الشخصية الإنسانية؟، وضرورة السماح لكل شعور بالقيام بدوره في حينه دون كبت أو استبعاد أو تعيير، فهم خلقهم الله لأهداف حيوية، وليست عيباً أو عبثاً!. قصة الفيلم تجعل الشكوك تساورك بشأن مصداقية دعوى الإيجابية المفرطة، وقبول دور الخيال في تجاوز الصعوبات النفسية، وتأثير النوم والأحلام في إعادة تنظيم ما يدور بداخل العقل، ودور الحزن والبهجة في تشكيل واسترداد الذكريات أو حجبها وتحويلها لتستوطن اللاواعي! وفي الأحلام تتحول التجارب اليومية إلى رموز وأسماء وأفكار مجردة !، قصة الفيلم تطالب الإنسان بالسماح لنفسه بتقبل ما يدور بداخله من مشاعر، سواء سلبية أو إيجابية، والتعبير الصادق لكل موقف بحسب ما يمليه عليه الشعور في حينه.
أنصح بالفيلم بقوة.