عبد الله باخشوين
عندما بدأت العمل متفرغاً لجريدة (عكاظ)..كنت أقضي معظم الوقت في العمل مساءً في المكتب المخصص للجريدة في (مطابع الأصفهاني) التي تتولى مهمة طباعة الجريدة.. وبعد أن قام الأستاذ عبدالله الداري رئيس التحرير والأستاذ علي مدهش سكرتير التحرير بما يشبه (الدورة التدريبية) لعليمي المتطلبات الكتبية للإشراف على سير العمل في المطبعة حتى صدور الجريدة.. أصبح دوامي يمتد حتى صدور (العدد) قرب الفجر.. وأحياناً (للضحى) إذا كانت هناك أعطال تؤخر الطباعة.
قبل الذهاب للمطبعة كنت أقضي وقت الفراغ في مكتبة (الري) لصاحبها الصديق العزيز محمد سالم باريان وهو وقت غير قصير يمتد من بعد صلاة المغرب حتى التاسعة مساءً..وهناك - إلى جانب مشاهدة المتسوقين والمتسوقات.. وكثير منهم خواجات - كنت ألتقي بعدد غير قليل من زملاء الأدب والصحافة.. حتى من خارج جدة، وكنا نشكل (بشكة) لا بأس بعددها لقضاء يومي الخميس والجمعة بين كازينو (العطاس) في أبحر وكازينو (كيلو عشرة) في طريق مكة، وكان من أركان (البشكة) الزميلان العزيزان الأستاذ (محمد الوعيل) والأستاذ عبدالله علي أحمد مدير مكتب عكاظ في الرياض عند قدوم أي منهما إلى جدة... المهم... أكثر ما كان يسعدني خلال وقتي هناك على أحد مداخل وسط البلد المزدحمة كانت تلك الأيام التي أجد فيها.. لاعب النادي (الأهلي) المعتزل (الوصلة) الذي كثيراً ما يحلو له قضاء الوقت معنا داخل المكتبة أو على الشارع قرب مدخلها.. وسر سعادتي وهو استمتاعي بأحاديث الذكريات التي يسردها علي خلال انشغال (البشكة) بالحديث عن الصحافة والأدب.
عن طريق (الوصلة) أصبحت ثقافتي عن (تلوح) كرة القدم المشهورين في الأندية الكبيرة وأمثالهم من أصحابهم (الغشم المتعافين) واسعة جداً.. تدعم ثقافتي الخاصة التي تشكلت خلال اللعب في حواري الطائف.. وبصراحة لا أعرف ما هو الاسم الحقيقي لـ(الوصلة) لكنه كان يلعب إلى جوار مشاهير مثل عمر راجخان وياسين صالح وحامد صومالي وغازي ناصر وعلي حمزة وعمر حبشي وغيرهم وهو معروف بـ(نقبة) الوصلة، مثل القملة، والزرد، والغراب، وأبو يمن، والأوزة، وعصيدة، والدبلى، وغيرهم من مشاهيرذلك الزمان.
عادة يبدأ الحديث عن مبارياتهم مع (الاتحاد والوحدة).. هكذا: مرة عديت من حسن دوش لاعب الوحدة.. ضربني في ظهري بطريقة خلتني أترك الملعب بدون ما طلب التغيير.
وبدون ذكر أسماء يتحدث عن بعض (التلوح) المشهورين.. مؤكداً أن بعضهم أذكياء.. يعني يدخل عليك ويقصك يبغى يعطلك نهائياً (والمرجات مليانة) يجري عليك وأنت طايح تتلوى ويحضنك ويبوس رأسك والناس تفكره ندمان يعتذر وهو يقرب من أذنك ويقول.. والله يا ابن....... الضربة الجاية أخليك تطلع على نقالة... والتاني يمشي جنبك يتكلم معاك.. واللي يشوف من بعيد يفكر بينكم موانة.. وهو يقلك.... وهو يقلك.... والله لو (فركتني وعديت) لأقصك قصة تخليهم يودوك مقبرة أمنا حواء.. هيا يا ابن ستة وستين جرب حظك وشوف... ويسويها من جد لا تفكره يهدد بالكذب.. يعني أحياناً تلاقي نفسك من الخوف منته قادر تلعب.
ومرة واحد لعب معايا (مان تومان) على الجناح.. وبأذني سمعت المدرب يقله.. لا يعدي..إنتو الاثنين ما أبغاكم في المباراة.. أكسر رقبة ابن..... لا تخليه يكمل المباراة.
وتقعد الوصلة وأنا نضحك على اللي كان يصير في الملاعب.. هذا بالطبع قبل يبتكر اللاعب الشهير (سواريز) طريقة (العض) الشهيرة التي يطبقها في حالة الرقابة اللصيقة.