عبده الأسمري
بين معادلة «الدهاء» ومتراجحة «الذكاء» ووسط تكامل «الموهبة» وتفاضل «الهبة» كتب نتيجة «الامتياز» بعدد صحيح.. ووظف خاتمة «الاعتزاز» بمدد فسيح.. فكان «خازن» الرياضيات الذي أرضخ «رموزها» للمثول في «نظريات» الاستنتاج، وأجبر «أرقامها» للرضوخ أمام «مناظرات» النتاج..
بنى صروح «الإبداع» من «الجبر» وأكمل طموح «الإمتاع» بالهندسة، وملأ «فراغ» الإشباع بالحساب فكان «منهجاً رياضياً بشرياً»..
وضع للعلوم «الرياضية» أسس الاقتدار وأصول الاعتبار فكان سيد «التخصص» وسديد «المهنة» وعضيد «المنهج» الذي تكامل مع «فيزياء» الابتكار وتماثل مع «كيمياء» الانتشار «فملأ» الآفاق «صيتاً» ووحد «الاتفاق» تصويتاً حول سيرته «العلمية» ومسيرته «العملية»..
إنه عالم الرياضيات البروفيسور علي الدفاع أحد أشهر العلماء في السعودية والعالم..
بوجه قصيمي.. تتوارد منه النباهة وتتقاطر منه النباغة.. وتقاسيم هادئة تملؤها «الحنكة» وتسكنها «الحكمة» مع محيا حافل بالتأنق يعتمر اللبس الوطني والشماغ المشكل بثبات وتهذيب ويستند على جسد متوسط ولحية بيضاء أكملته «وقاراً» وكاريزما مذهلة تنبع بالعبقرية وتنبض بالعفوية ولغة قويمة نشأ عليها وكبر بها ومعلوماتية أشبه بالحاسبات في استنطاق الأعداد واستقراء الحلول وبُعد نظر ومد تناظر وشخصية في قالب «نظرية» علمية.. قضى الدفاع من عمره عقود وهو يبهر قاعات الجامعات أستاذاً، ويملأ فراغات المعادلات عالماً، ويبهج منصات الاجتماعات مؤرخاً، ويكمل أبعاد المسافات رياضياً، ويكتب مضامين الإبداعات علماً، فكان «سيد « العلماء و»عميد « الحكماء الذين حولوا «العلم» إلى أسلوب حياتي ووجهوا «التعلم» إلى سلوك دنيوي.
في عنيزة الشهيرة بزف البارعين، وُلد وتفتحت عيناه على مضارب البادية ومشارب البساطة، وتعتقت نفسه برياحين «الطفولة» في مرابع قريته الصغيرة، ونشأ في كنف أب كريم، وعاش في ظل أم عظيمة، ناضلت في سبيل «العيش»، وكافحت في سبل «التعايش»، فراهنت عليه باكراً، وتراهنت معه مبكراً لنيل الدرجات وحصد المراتب..
ركض الدفاع بين واحات القرى القصيمية متوكئاً عصاه الصغيرة، متوشحاً هندامه البسيط، ملاحقاً «قطعان» الأغنام في فيافي «عشيرته»، مذعناً لصوت الأذان في جامع قريته، مكملاً «صواب» براءته بالالتحاق بحلقات التحفيظ.. قاضياً ليله يسامر نجوم «القرى»، ويراجع مع والدته حسابات الأرقام وجداول الضرب ونتائج القسمة ومصائر الطرح وبصائر الجمع.. معلناً «إجاباته» بالصوت العالي ومعتلياً «شأنه» باللغة الفصحى، محققاً توجيهات أمه في ملاحقة «العلا» ومسايرة «المعالي».
أنهى الدفاع تعليمه العام بتفوق، وكان من النوابغ في الرياضيات بمهارة عجيبة كانت حديث «المدرسة السعودية» التي تخرج منها، ثم ابتعثته وزارة المعارف لدراسة الطب بألمانيا، إلا أنه طلب تحويل تخصصه إلى الرياضيات، وطار إلى أمريكا ونال درجة البكالوريوس في «الرياضيات البحتة» من جامعة أوهايو عام 1386هـ، وواصل تحصيله العلمي فحصل على درجة الماجستير في «العلاقات الدولية» من جامعة تكساس الشرقية عام 1388هـ، ثم حصد الماجستير في «الرياضيات البحتة» من «جامعة فاندربيلت» عام 1389هـ، ثم الدكتوراه في «ذات التخصص» من الجامعة ذاتها عام 1392هـ، وعمل معيداً ثم مدرساً بها، ثم عاد إلى أرض الوطن وعمل عام 1393هـ بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن أستاذاً مساعداً ثم مشاركاً، ثم رئيساً لقسم العلوم الرياضية، ثم عميداً لكلية العلوم حتى عام 1403هـ، عمل أستاذًا زائرًا بجامعة الملك سعود من عام 1399هـ، وعمل أستاذًا زائرًا في جامعة هارفارد العريقة، وشغل منصب رئيس اتحاد الرياضيين والفيزيائيين العرب، وتقاعد في سنة 2008م بعد حوالي 36 عامًا في التدريب والبحث العلمي.
وللدكتور الدفاع عشرات العضويات والمشاركات، وله اسمه البارز ووسمه الأبرز في لوحات «الشرف» و»سجلات» الفخر.. تأثر بالعالم الشهير مرس كلاين، ووضع أثره في متون «النظريات» والبحوث، واهتم بالتاريخ والتوثيق، وقرأ فيه ونشر عنه، وأسهم بوضع المناهج السعودية في الرياضيات، بلغ عدد مؤلفاته 49 كتاباً باللغتين العربية والإنجليزية، وله أكثر من 250 بحثاً ومقالة منشورة في مجلات سعودية وعالمية، نال عدة جوائز، وتم تكريمه بوسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى.
اعتلى علي الدفاع قمة «الإنجاز» ودافع عن «همة الإيجاز».. فخطط أضلاع «مثلث» الأثر التخصصي، وجهز أطوال مربع «التأثير» الشخصي، راسماً «دائرة» الثراء العلمي، ليقف في «مساحة» الانفراد عازفاً على وتر السداد، منشداً للوطن «قصائد الوفاء».. تاركاً للأجيال ودائع الاستيفاء.