انطوت صفحة ناصعة البياض في غياب الصديق الحميم والأخ العزيز الذي عرفته منذ بضع سنين، كنا نلتقي يومياً بين العشاءين في أحاديث جميلة وسوالف مفيدة بعيدة عن الغيبة والنميمة، وفي فترات كثيرة يشاركنا بعض الإخوة الأعزاء والأصدقاء الأوفياء، وتارة نقوم بزيارة مريض أو شيخ كبير أو رجل له حق علينا، كان كريم الخصال وافي الشيم، صاحب سيرة عطرة وأخلاق فاضلة، مجلسه في مزرعته (الدانه) مفتوح في الضحى والعصر لا يخلو من خلانه وإخوانه وأحبابه. وبعد معاناة مع المرض نُوِّم على أثرها بالمستشفى لأكثر من شهرين حيث أسلمت روحه لبارئها ظهر يوم الأربعاء غرة شهر ذي الحجة 1441هـ بمدينة الرياض، وقد صُلِّي عليه ودُفن بروضة سدير من عصر يوم وفاته. رحم الله أبا أحمد/ عبدالله بن أحمد بن عبدالعزيز الفوزان وأسكنه فسيح جناته، حيث غادر هذه الحياة الفانية بعد عمر يناهز الثمانين عاماً قضاها في خدمة دينه ووطنه، حيث تعين بعد تخرجه من الثانوية في وزارة المالية ثم انتقل بعدها لوزارة الصحة وعمل بها في أماكن متعددة سواء في الشؤون الصحية بمنطقة الرياض وبمنطقة القصيم وفي مستشفى الشميسي وبالملحقية الصحية بلندن، وانتهى به المطاف في مستشفى اليمامة. وبعد أن حط عصى الترحال عاد إلى مسقط رأسه مدينة روضة سدير وتولى إحياء مزارع آبائه وأجداده وعاش سنين عديدة ذا سيرة حميدة وصيت حسن وتعامل راقٍ، لم يدخل في مشاحنات مع أحد بل هو صديق الجميع إذا لم يقل خيراً فلن يأتيك منه شر، يشهد له الجميع بالخير والمحافظة على الصلاة بالمسجد، تقي نقي لا يتعرض بالقول في أحد، ذو كرم وجاه له أيادي خفيه في فعل الخير، يجمع إخوانه وأخواته وأبناءهم بين الحين والآخر كأنهم عائلة واحدة، تجد المحبة والألفة بين أبنائه رغم تعدد أمهاتهم، ربى أبناءه فأحسن تربيتهم، له كلمته وسمعته الحسنة بين جماعته وأسرته يشاركهم في اجتماعاتهم ومناسباتهم رغم مشقة ذلك عليه في بعض الأحيان، كوَّن علاقات كثيرة كلهم يجمعون على حبه وتقديره، بار بوالديه -رحمهما الله- واصلاً رحمه، سمح السجايا. إن الفقد لكبير والحزن لشديد والعين تدمع والقلب يحزن ولكن لا نقول إلا ما يرضي الرب {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، اللهم تجاوز عن سيئاته وزد في حسناته وأحسن وفادته وأكرم نزله ويمِّن كتابه، وهوِّن حسابه ولين ترابه وألهمه حسن جوابه وطيِّب ثراه واكرم مثواه واجعل الجنة مستقره ومأواه، اللهم آس وحشته في قبره واجعله روضة من رياض الجنة، اللهم اغفر لعبدك عبدالله وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله أجمعين.
والعزاء لأهالي روضة سدير ولأسرة الفوزان والفارس ولأبنائه وبناته وزوجاته وإخوانه وأخواته وأحفاده وأنسابه ولأصدقائه. والحمد الله على قضائه وقدره.
** **
عبدالرحمن بن محمد السلمان - سدير