أ.د.عثمان بن صالح العامر
لأول مرة في التاريخ البشري تؤدى مناسك الحج جراء جائحة كورونا العالمية بهذه الطريقة التي تعتمد بشكل كبير على الاحترافية والمهارة العالية في التنظيم والتنسيق والرصد والمتابعة الدقيقة، ورغم التحديات والمراهنات وقصر المدة بين اتخاذ القرار وبدء التجهيزات إلا أن النجاح كان باهراً يفوق كل التصورات والتخمينات وربما التمنيات لدى أعداء الوطن. ولا يسع المرء وهو يرى ويسمع ويقرأ عن نجاح موسم حج هذا العام الذي شهد به الكل، لا يسعه والحال كما قلت إلا أن يشكر الله عزّ وجلَّ أولاً وأخيراً على ما تحقق من إنجاز، ثم الشكر كل الشكر:
- لحكومة المملكة العربية السعودية ممثلة بمقام مولاي خادم الحرمين الشريفين، وسيدي ولي عهده الأمين، وأصحاب السمو الملكي الأمراء وزير الداخلية، وأمير منطقة مكة المكرمة، وأمير منطقة المدينة المنورة، والوزراء المعنيين جميعاً بلا استثناء، ورئاسة الحرمين الشريفين الذين كانوا قريباً من الحجيج، يتلمسون احتياجاتهم ويراقبون تحركاتهم وتنقلاتهم بين المشاعر عبر وسائل التقنية الحديثة.
- هيئة كبار العلماء وأهل الفتوى والنصح والإرشاد الذين يعظون ويوجهون ويفقهون المسلمين بكل اللغات وفي جميع الأماكن والأوقات، وكم لهؤلاء العلماء الأفذاذ من جهود في تصحيح العقائد وتبيين الحقائق وضمان سلامة وصحة حج وفود الرحمن، فجزاهم الله عن المسلمين خير الجزاء.
- للعسكريين رجال أمننا البواسل الذين لا ينامون الليل ولا النهار سهراً على أمن الحجيج وضمان سلامتهم، الذين توافدوا من جميع مناطق المملكة تلبية لنداء الواجب الديني والوطني والوظيفي والإنساني واستجابة لولي الأمر طاعة وانقياداً، حباً ووفاءً.
- إن الإنسان المسلم - فضلاً عن السعودي - ليفخر ويفاخر بالجهود التي بذلت لضيوف الرحمن دون أدنى اعتبار للجنسية أو المذهب أو اللغة واللون انطلاقاً من قول الله عز وجل: {يَا أَيّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِير}، وعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّكُمْ بَنُو آدَمَ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، لَيَنْتَهِيَنّ قَوْمٌ يَفْخَرُونَ بِآبَائِهِمْ أَوْ لَيَكُونُنّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجِعْلانِ»...
- والواجب على وفود الرحمن أن يشكروا الله- عزّ وجلَّ- على هذه النعمة، ثم يشكروا هذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية التي رعتهم واهتمت بهم، وأكرمتهم أيما إكرام وقدّمت لهم كل التسهيلات وجميع الخدمات مجاناً طلباً لما عند الله حتى عادوا إلى أهلهم سالمين غانمين ولم تسجل ولا حالة واحدة بفيروس كورونا أو غيره، فعن أبي هريرة رضي الله عنه (مرفوعاً) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النّاسَ» (رواه أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وصححه الألباني) حفظ الله قادتنا، وحمى بلادنا، وأدام عزّنا، ونصر جندنا، وأعلى رايتنا، ووقانا شر من به شر، وكل عام وأنتم بخير، وإلى لقاء والسلام.