د.شريف بن محمد الأتربي
تشكل شروحات المصطلحات ودلالتها في مجال تقنيات المعلومات - بشكل عام وعند ارتباطها بالتعليم بشكل خاص - لبساً لدى كثير من المستفيدين، بل والمتخصصين أيضاً؛ حيث يتبنى كل فريق منهم تفسير وشرح المصطلح حسب وجهة نظره مما يسبب تشتتا لدى المجتمع المستهدف، بل وكثيراً ما يؤدي خطأ تفسير المصطلح ومفهومه إلى فشل التطبيق في الميدان بداعي عدم نجاحه وعدم تحقيق أهدافه، قياساً على هذا التفسير الخاطئ للمصطلح.
لقد كان ظهور الشبكة العنكبوتية في منتصف تسعينيات القرن الماضي واحدا من أهم أسباب ذيوع وانتشار مصطلح التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد وما يتصل بهما من مصطلحات، حيث أصبحت التقنيات وثورة الاتصالات سببا رئيسيا في تسهيل استخدام ملايين من البشر لأجهزة الحاسب الآلي بأشكالها وأنواعها المختلفة؛ إضافة إلى ظهور الهاتف المتنقل وتطبيقاته وبرامجه التي ساعدت من خلال انتشاره على توسيع قاعدة المستفيدين من التقنية في كافة المجالات ومنها التعليم.
ومع ظهور الشبكة العنكبوتية بدأ المتخصصون في ترديد مصطلح التعلم الإلكتروني، وذلك عندما تم استخدام الكلمة لأول مرة في ندوة أنظمة CBT، رغم أنه كان موجودًا منذ عام 1999 تقريباً. كما بدأت كلمات أخرى في الظهور بحثًا عن وصف دقيق مثل «التعلم عبر الإنترنت» و»التعلم الافتراضي».
لقد ظهرت العديد من الأشكال المبكرة للتعلم الإلكتروني قبل ظهور الشبكة العنكبوتية بفترة طويلة، بل إن بعضهم يرجع وجوده إلى القرن التاسع عشر. فقبل وقت طويل من إطلاق الإنترنت، تم تقديم دورات عن بعد لتزويد الطلاب بالتعليم حول مواضيع أو مهارات معينة، ففي عام 1840 على سبيل المثال قام «إسحاق بيتمان» بتعليم تلاميذه الاختزال، حيث كان يرسل لهم ويتلقى منهم المهام المطلوبة عن طريق المراسلة.
وفي أواخر القرن العشرين بدأ انتشار أجهزة الحاسوب في المنازل - أول جهاز MAC ظهر في الثمانينيات -، والاعتماد على الشبكة العنكبوتية فتوسعت أدوات التعلم الإلكتروني وطرق تسليم المهام، وبدأت بيئات التعلم الافتراضية تزدهر، ساعد على ذلك أيضا حدوث ظاهرة الانفجار المعلوماتي نتيجة التقدم في وسائل الاتصال، وزادت فرص الحصول على المعلومات عبر الشبكة المعلوماتية، وفرص التعلم الإلكتروني.
وبحلول أوائل التسعينيات، أُنشئت العديد من المدارس التي تقدم دورات عبر الشبكة العنكبوتية فقط، لتحقيق أقصى استفادة من الشبكة العنكبوتية، وتقديم التعليم للأشخاص الذين لم يكن بإمكانهم في السابق الالتحاق بإحدى الكليات بسبب القيود الجغرافية أو الزمنية. كما ساعدت التطورات التكنولوجية المؤسسات التعليمية على تقليل تكاليف التعلم عن بعد، وهو توفير سيُنقل أيضًا إلى الطلاب - مما يساعد على توفير التعليم إلى قاعدة أوسع من الجمهور.
هذه الطرق الجديدة في التدريس والتعلم ساعدت المعلمين أيضًا، حيث مكنتهم من استيعاب المزيد من الطلاب من خلفيات أكثر تنوعًا ومشاركة خبراتهم واستخدام التكنولوجيا لمضاعفة جهودهم.
ومع هذا التطور السريع تطورت المصطلحات وتعددت وأصبحت الإشارة إلى مصطلح بعينه مرهوناً بمستخدميه وبالبيئة التي يطبق فيها، ولعل من أهم هذه المصطلحات التي انتشرت سريعاً وتعدد شرح المقصود بها: التعلم الرقمي Digital Learning.
فالتعلم الرقمي مصطلح جامع. وهو يعني أي نوع من التعلم يتضمن استخدام التكنولوجيا الرقمية. وهذا يشمل الطلاب الذين يدرسون دورات عبر الإنترنت، بالطبع. ولكنه يشمل أيضًا الطلاب الذين يقومون بأبحاث على الشبكة العنكبوتية أو مشاهدة مقاطع الفيديو عبر الشبكة العنكبوتية في الفصل الدراسي والمعلمين باستخدام الأدوات الرقمية مثل اللوحات الذكية والأجهزة اللوحية. ستشمل أي دورة تعليم عال تقريبًا نوعًا من التعلم الرقمي.
أما التعليم عبر الشبكة العنكبوتية Online Learning، فهو يمثل أيضاً أحد المصطلحات الفضفاضة، لكنه أضيق قليلاً من التعلم الرقمي. وهو يشمل معظم الدورات الدراسية التي يتم إجراؤها عبر الشبكة العنكبوتية - من خلال المنتديات والمستندات المشتركة والبريد الإلكتروني والدردشة وما إلى ذلك. وهذا لا يعني أنه لا يوجد تفاعل وجها لوجه بين الطلاب والمعلم، حيث يمكن أن يشمل القيام بالدورات الدراسية في فصل دراسي أو على مسافة، طالما أن الاتصال عبر الإنترنت في المقام الأول.
أما التعلم الإلكتروني E-Learning - يُعرف أيضا باسم التعلم الافتراضي- فهو يشير عمومًا إلى دورة تدريبية تتم عبر الشبكة العنكبوتية بالكامل. لا يلتقي المعلم والطلاب وجهاً لوجه، حيث يتم التعامل مع جميع أعمال الدورة والتواصل عبر البريد الإلكتروني أو المنتديات أو الدردشة أو مؤتمرات الفيديو. تشير بعض المؤسسات إلى هذا النوع من الدورات على أنها دورة «عبر الشبكة العنكبوتية بالكامل».
أما التعلم عن بعد Distance Learning، فيشيع استخدام هذا المصطلح كمرادف للتعلم الإلكتروني، وأصبح هذا المصطلح شائعًا للتأكيد على فكرة أن المسافة الجغرافية ليست حاجزًا أمام التعلم، حيث يمكن للطلاب من مختلف البلدان أخذ نفس الدورة معًا.
ولعلي أختم مقالي هذا بشرح مصطلح آخر ظهر في مجال التعليم وأحدث هو الآخر لبساً في البيئة التعليمية وهو برامج إدارة التعليم Learning Management System (LMS).
ويسمى أحياناً بيئة التعلم الافتراضية. وهو عبارة عن حزم برامج متكاملة تشكل نظاماً لإدارة المحتوى المعرفي المطلوب تعلمه أو التدرب عليه وتوفر أدوات للتحكم في عملية التعلم. يعمل نظام إدارة التعلم الإلكتروني في العادة عبر الشبكة العنكبوتية أوعن طريق الشبكة المحلية.