خالد بن حمد المالك
بدأ المسؤولون في لبنان يتحدثون عن أن ما حدث من دمار في مرفأ بيروت سوف يكلف لبنان المليارات من الدولارات، بل إن محافظ بيروت حددها بثلاثة مليارات إلى خمسة قبل أن يتم حصر الأضرار، وبما جعل رئيس الوزراء ينادي: من يحب لبنان من عرب وعجم عليه الإسراع في دعم اقتصاد لبنان الذي هو أساسًا كان قد انهار قبل هذا الحادث على أيدي الفاسدين في السلطة.
**
ومن تحدثوا عن الدعم الاقتصادي، تناسوا أن هناك ما هو أهم من الدعم الاقتصادي، وأعني بذلك الشفافية - ولو لهذه المرة - في كشف المستور عن المؤامرة على لبنان، وأن الحديث عن القتلى والمصابين الأبرياء أهم من الحديث عن استخدام الحادث لاستجداء الدول لدعم اقتصاد لبنان.
**
وماذا بعد دعم اقتصاد لبنان؟ هل سيتغير الوضع، أم أن هذا الدعم سوف يذهب إلى جيوب الفاسدين؟، ويتجه لغير ما سوف يحدد له كما هو سلوك بعض من يفترض بأنهم المؤتمنون على مصالح لبنان واللبنانيين، على أن دعم لبنان بالمواد الطبية والغذائية هو الدعم المهم المطلوب في هذه المرحلة للبنانيين وليس دعم الاقتصاد كما ينادي بذلك المسؤولون في لبنان؟ أسئلة بريئة يطرحها الشارع اللبناني، وعلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، والوزراء والنواب، وكل المسؤولين أن يتفاعلوا مع نبض الشارع، ولا يتعاملوا مع أسئلة المواطنين بطريقة تخفي إجاباتهم من قد يكونوا مسؤولين عن هذا الانفجار المروع الذي هزَّ لبنان وقتل وأصاب الآلاف.
**
كل اللبنانيين تأثروا بما حدث، وأنكروا أسلوب تعاطي الرئيس ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب مع هذا الحدث الجلل، واعتبروا أن هذا الانفجار قد يكون هو المسمار الأخير في نعش الدولة اللبنانية، دون أن يفكر الرؤساء الثلاثة بالاستقالة كما يطالب بذلك أكثرية اللبنانيين، والدعوة إلى انتخابات جديدة ومبكرة لاختيار رئيس جمهورية جديد، ورئيس حكومة جديدة، وانتخاب رئيس مجلس نواب وأعضاء جدد للمجلس.
**
المعالجات بأسلوب التهدئة من قبل الرؤساء الثلاثة، مع اعتبارهم أن بيروت مدينة منكوبة بانتظار المساعدات العربية والدولية، لن يعيد للبنان عافيته ومكانته، طالما بقي سجينًا ومكبلاً بالقرارات التي تصدر من حزب الله، تنفيذًا لأوامر تأتي من طهران، دون أن يقوى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب على رفض أو تجاهل ذلك، حتى لا يغضبوا أمين حزب الله، بعدم مراعاة مزاجه وأجندته الإيرانية.
**
وأمام لبنان في المستقبل، إن أريد له إصلاح اقتصاده، وسياساته، وجعل السلاح محصوراً بيد الجيش دون غيره، عمل صعب، وتحديات كبيرة، ومواجهات ساخنة مع من لا يريد للبنان الخير، وتحديدًا حزب الله وحزب الرئيس عون نفسه، وما لم تقص أجنحة هذين الحزبين، ومعهما أمل حزب رئيس مجلس النواب، وأي حزب يريد أن يكون بديلاً عن الدولة فلن تقوم للبنان قائمة.
**
نحن مع لبنان، مع اللبنانيين، نتعاطف معهم، ونتمنى لهم الخير، بأمل أن يتجاوزوا آثار هذه الكارثة، بمعالجة موضوع الفاسدين، والمتآمرين على لبنان من أهله، وبخاصة أولئك الذين لا يحبون لبنان، ويفضلون عليه إيران، ويرون أن مصيره ومستقبله ينبغي أن يكون جزءًا من نظام الولي الفقيه كما يصرح بذلك حسن نصر الله في أكثر من مناسبة دون حياء أو خجل.
**
والعالم كله يتضامن الآن مع لبنان، ويتفهم جيدًا حاجته إلى المساعدة والدعم، وإذا استثنينا المساعدة الإنسانية، سواء الطبية أو الغذائية في هذه المرحلة، فيجب أن تكون المساعدات التي قد تأتي لاحقًا لدعم اقتصاده مشروطة بإشراف من المانحين، وبإصلاحات اقتصادية وسياسية يلتزم بها لبنان، وأن يتم التخلص من أي سلاح وتنظيمات عسكرية خارج إطار الجيش وقوى الأمن والمؤسسات العسكرية الأخرى التابعة للدولة، مع إعادة النظر في التركيبة السياسية التي تدير لبنان.