د. محمد عبدالله الخازم
في فترة سابقة كان هناك تحفظ على دعم التراث والمتاحف، لكن بعض الأفراد نشطوا في تأسيس متاحف شخصية عبر اجتهادات يُشكرون عليها، رغم تواضع بعضها. الآن مع مأسسة العمل الثقافي تُطرح أسئلة حول وضع تلك المتاحف، هل هي فعلاً ذات قيمة في حفظ التراث أم أنها مجرد أشبه بالسيرة الذاتية لصاحب المتحف ممثلة في أدواته التي كان يستخدمها؟ هل تحوي قطعًا نادرة يُخشى عليها من التسرب أم لا؟ هل تملك صفة الاستدامة أم هي مجرد هواية شخصية عندما يموت صاحبها أو يتعرض لطارئ فإن ورثته قد يهدمون كل ما بذله من جهد في هذا الشأن؟
هناك حاجة لدراسة ذلك، ووضع معايير تميز المتحف الشخصي عنه الوطني أو متحف المنطقة. هناك حاجة للاستفادة من المتاحف الشخصية أو الفردية لتكون جزءًا من مكونات المتاحف بكل منطقة. وقبل وضع مقترحات في هذا الجانب أطالب بتأسيس متحف في كل منطقة سواءً بشكل مستقل أو ضمن مشروع المراكز الثقافية والمكتبات المزمع تأسيسها أو تطويرها. هنا بعض الخيارات لاحتواء المتاحف الشخصية والاستفادة من مقتنياتها وحفظها ضمن مشروع وطني للمتاحف مع تقدير أصحابها:
1. تأسيس برنامج اقتناء للقطع الأثرية يعده الخبراء وفق تقنين علمي، وبالتالي تقوم الدولة بشراء ما له قيمة تراثية لدى الأفراد ويُخشى ضياعه.
2. ضمن المتاحف الوطنية/ متاحف المناطق تؤسس قاعات خاصة بمتاحف الأفراد وتستوعب خلالها متاحف الأفراد بالإشارة إلى أنها تمت بمجهود أو تبرع من أصحابها. قد يكون ذلك لمدة محددة، ولاحقاً تدمج جميع المقتنيات بتبويب وتصنيف عام، ويذكر أصحاب المتاحف الفردية ضمن قائمة شرف المتبرعين في المكان اللائق بذلك في المتحف.
3. دعم تلك المتاحف بشكل مؤسسي أهلي يتمثل في تأسيس جمعية أو رابطة متاحف الأفراد الأهلية، بحيث تحوي قاعدة بيانات بأصحابها ومقتنياتها، ويتم تدريبهم بطرق التصنيف والحماية والعناية بالقطع الأثرية. يوجد لدينا جمعية الطوابع كأحد الروابط الثقافية الأهلية القديمة، والفكرة نفسها يمكن تطبيقها هنا مع منحها إمكانات أكبر وفق طبيعتها ومكوناتها. قد تكون رابطة على المستوى الوطني أو على مستوى المناطق، لنجد مثلاً: رابطة المتاحف الأهلية بعسير، ورابطة المتاحف الأهلية بحائل، ورابطة المتاحف الأهلية بالباحة وهكذا. قد تكون الرابطة/ الجمعية مهمة في المرحلة الراهنة لأنه ليس لدينا متاحف وطنية في غالبية المناطق، وبرنامج اقتناء التراث ليس موجوداً أو ليس واضحة معالمه، ولكن يوجد أفراد لديهم الحماس والشغف بالحفاظ على الموروث، وعلينا أن ندعمهم فنياً ومعرفياً وإعلامياً وسياحياً، إلخ. كما لا ننسى بأنه عبر تلك الرابطة أو الجمعية سيتم التعرف على أفكارهم وتوجهاتهم وطموحاتهم كأصحاب اهتمام وتخصص.
لست متخصصاً في التراث والمتاحف، لكنني استمتع من مبدأ (نوستالجي) عندما أزور متحفاً يعرض القديم، وأتأمل ربط القطعة الأثرية بالتاريخ والبيئة والثقافة وتطور الإنسان. أشعر بأن الأفراد بذلوا أموالاً وجهوداً كبيرة في سبيل تأسيس تلك المتاحف، ومن حقهم علينا تقديرهم ودعمهم بمختلف السبل، سواء التدريب، الدعم الفني أو المادي أو دعم استدامة مشاريعهم وعدم ضياع جهودهم، إلخ.