خالد بن حمد المالك
تناغماً مع دعوة أمين حزب الله حسن نصر الله بأن يكون التحقيق في جريمة مرفأ بيروت محلياً، سارع الرئيس اللبناني ميشيل عون المتحالف مع حزب الله إلى اعتبار أن التحقيق دولياً مضيعة للوقت، ومثلهما فعل جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية ورئيس حزب التيار الوطني الحر، وكأنهم يريدون -عن عمد- إخفاء معالم الجريمة، ومن يقف وراءها، وصولاً إلى تسييسها، وإبعاد التهمة عن المتهم الذي تحول حوله الشبهات وهو حزب الله.
* *
لقد تجنَّب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء الإشارة إلى علاقة حزب الله في هذا الحادث المروع، كما تجنَّبا أي إشارة إلى مَنْ تعود له ملكية هذا المخزون من المواد القاتلة، ومَنْ يكون مصدر إرسالها إلى لبنان، وهل هذا الانفجار طال كل المخزون، أم أن جزءاً منه كان قد تم تفريغه إلى جهة مجهولة داخل الأراضي اللبنانية قبل حدوث هذه الجريمة.
* *
لقد طالبت كل الأحزاب اللبنانية بأن توكل مهمة التحقيق لجهات دولية، لمعرفتهم بأن القضاء اللبناني والمؤسسات اللبنانية ليسوا موضع ثقة ومصداقية، ولن تقابَل أحكامهم إلا بالازدراء، خاصة مع انتفاضة الشعب، وخروجه بهذه الأعداد الكبيرة مطالبةً بإقالة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، بعيداً عن الطائفية والمحاصصة، وإملاءات إيران من خلال حزب الله.
* *
إن الاهتمام بتجميع الأموال من المانحين، لا ينبغي أن يصرف اللبنانيين الشرفاء عن المطالبة بنظام سياسي يقضي على الفاسدين، من رؤساء ووزراء وكبار مسؤولين وأحزاب، وإلا فإن هذه المبالغ التي سوف يتم جمعها من المانحين لن تكون إلا مساعدة ودعمًا لاستمرار من يتحكَّمون بمصير لبنان في مواقعهم ولكن بشكل أقوى مما هم عليه الآن.
* *
وفي رأينا، ورغم أن لبنان ما زال ينزف، ومواطنوه فيهم من استشهد أو أُصيب، إلى جانب هذا الدمار الهائل، إلا أن إصلاح الوضع في بيروت وغير بيروت من الأراضي اللبنانية، يجب أن تكون أولويته في التخلص من حزب الله بوصفه منظمة إرهابية، ولن يتم القضاء عليه ما لم يتم نزع سلاحه، ومحاكمة أمينه العام حسن نصر الله على الجرائم التي ارتكبها سواء في هذا الحادث أو في غيره.
* *
وإن لبنان -هذا البلد الجميل- الذي فقد صلته بأشقائه العرب، وأُجبر بقوة سلاح حزب الله أن يرتبط بإيران وبنظام بشار في سوريا، قد حوَّله ذلك إلى شعب جائع، لا يجد كثير من المواطنين لقمة العيش، ولا إمكانية السفر للعمل في الدول الخليجية، فضلاً عن أنه فقد مصدره من إيرادات السياحة، وكل المصادر الأخرى لتحسين وضعه الاقتصادي، ليزداد سوءاً مع رئاسة عون والحكومة الحالية، بما لا يمكن معالجة وضعه بالمسكنات والمهدئات وتبرعات المانحين.
* *
ومشاركة فرنسا مع جهاز التحقيق اللبناني في الجريمة لا يغني عن أن تتولى التحقيق جهة دولية محايدة، ولا يمكن لذوي القتلى والمصابين ومن فُقِدوا وشُرِّدوا، أن يقبلوا بأقل من لجنة دولية محايدة لا يكون القضاء اللبناني المختَرق والمسيَّس جزءاً منها، وستظل الشكوك تحوم حول أي قرار أو حكم يصدر عن القضاء اللبناني، حتى مع وجود مشاركة فرنسية.
* *
لقد قرع حادث ميناء بيروت جرس الإنذار الأخير، وعلى الرؤساء الثلاثة أن يستقيلوا، فلم يعد هناك أسوأ مما كان، بعد أن هُدِم نصف بيروت، وأُصيب وقُتِل كل هذه الآلاف من الأبرياء، بفعل فاعل هو حزب الله، الذي يحاول أن يتبرَّأ من تلبسه بالجريمة، منكراً علاقته بهذا المخزون من هذه المواد القاتلة.