د. محمد عبدالله الخازم
الصحة الرقمية مفهوم ليس جديداً في المجال الصحي، ومع جائحة كورونا زادت أهمية المفهوم وأخذت أبعاداً إضافية ومختلفة في أولوياتها وبشكل متسارع فرض على العالم التشارك في المعلومات والخبرات والمعطيات المتعلقة بهذا الأمر. المملكة العربية السعودية وبصفتها حاضنة قمة العشرين القادمة، ضمن مهامها تفعيل الحوار والنقاش والخروج بمعطيات وتوصيات حول كثير من القضايا التي تتبناها قمم العشرين كل عام. في المجال الصحي، ومع جائحة كورونا تأتي على رأس المواضيع وأولوياتها «الصحة الرقمية» والتي تعقد خلال هذه الأيام قمتها في الرياض بتنظيم من الشؤون الصحية في الحرس الوطني وتعاون عدة قطاعات ومنها سكرتارية قمة العشرين.
أبرز تغيرات الصحة الرقمية في زمن كوفيد 19 نلاحظه في الطب الاتصالي ومتابعة المريض عن بعد، وذلك بسبب إيقاف كثير من الخدمات الصحية غير المتعلقة بكوفيد 19 والضرورات الطارئة وبسبب أنظمة الحجر في المنازل وإقفال الأعمال بما فيها العيادات الطبية المختلفة. عُزل المريض عن المستشفى أو العيادة، فلم يعد هناك حلول سوى حلول التقنية، سواء للنصح والإرشاد والعلاج أو حتى ما قبل ذلك في تقييم المرض والمخاطر الصحية. أصبحت مواعيد الأطباء إلكترونية تتحدث مع طبيبك عبر (زووم) أو غيرها من وسائل الاتصال بدلاً من الذهاب للقائه في العيادة كما هو معتاد، وعلى ضوء ذلك يمنحك العلاج أو يوجهك لما تعمله بما في ذلك الذهاب للمستشفى في حال استدعت حالتك ذلك.
التطور الثاني الذي فرضته الجائحة، هو دخول الصحة الرقمية وبقوة كوسيلة في صنع القرار السياسي والاجتماعي والإعلامي. فبيانات كوفيد 19 وما يتعلق بها من إحصائيات تبث يومياً على مختلف المنصات وعلى ضوءها تتخذ السياسات والقرارات الحكومية والاجتماعية المتعلقة بالجائحة وتأثيراتها والاحتياطات المطلوب إتباعها. قواعد البيانات وآليات نشر البيانات والنماذج الاستشرافية المتعلقة بالجائحة أصبحت تتحكم في حياتنا وأصبحنا نعرف كثيراً من لغتها وتفاصيلها، وكل ذلك يندرج تحت مفاهيم الصحة الرقمية.
التطور الثالث الذي فرضته الجائحة تمثل في استخدام وتطوير العديد من التطبيقات الإلكترونية الصحية المتعلقة بالجائحة والصحة بل وحتى بعض التطبيقات التي لا تصنف كتطبيقات صحية رقمية، كان من دوافع تطويرها الاحترازات التي فرضتها جائحة كورونا.
التطور الرابع الذي أسهمت فيه الصحة الرقمية في ظل جائحة كورونا تمثل في مشاركة المعلومات البحثية والصناعية والدوائية، حيث فرض انتشار كوفيد 19 على العالم التشارك في كل ذلك للوقاية والعلاج الحاضر والمستقبلي.
هذه التطورات وغيرها، مما يدركه أهل الاختصاص، تفرض علينا مواكبة التقنيات الحديثة في مجال الصحة الرقمية وتطوير السياسات المتعلقة بالنظام الصحي ليواكبها، ويواكب متطلباتها الأخلاقية والاقتصادية والاجتماعية والتنظيمية. لا ننسى، في التقنية هناك الإيجابي وهناك السلبي، الذي يتطلب منا تقليصه ومحاربته وسن التشريعات اللازمة لكبحه. من الأمثلة السلبية، كمية المعلومات المغلوطة حول المرض ونظريات المؤامرة التي شوشت على تفكير الناس وزيادة العزلة وتقليص التعاون أحياناً وعدم التأكد من التزام الناس بالتعليمات الصحية والطبية واستغلال المعلومات لأغراض سياسية ودعائية وتخريبية وغير ذلك.
نتمنى التوفيق لقمة الرياض العالمية للصحة الرقمية ونقدر جهود الحرس الوطني في تنظيمها.