فضل بن سعد البوعينين
عزَّزت مأساة انفجار مرفأ بيروت المخاوف من انفجار مشابه قد يحدث لناقلة النفط اليمنية «صافر» الراسية في ميناء رأس عيسى شمال الحديدة، التي تمنع ميليشيات الحوثي فرق الأمم المتحدة من الوصول إليها بهدف تقييم الأضرار وصيانتها، أو التعامل مع شحنتها التي تقدر بـ 1.2 مليون برميل.
روابط مشتركة بين مرفأ بيروت و»صافر»، إذ السيطرة التامة لميليشيات تابعة لإيران، حزب الله، والحوثي، وعقلية تحكمها عقيدة إرهابية، تغذيها فلسفة «الولي الفقيه»، والولاء التام لمرجعيته العقدية والسياسية، واستهتار بكيان الدولة والشعب، وعدم اكتراث بمآلات الأمور. يثبت ذلك ما حدث للبنان خلال العقود الثلاثة الماضية، وتحويله من دولة المال والفكر والحرية والازدهار إلى دولة فاشلة، تحكمها إيران من خلال حزب الله، الذي لم يتوانَ عن تخزين أسلحته المدمِّرة بين المدنيين، وفي المرافق الحيوية التي لا يمكن العيش دونها، والتضحية بالدولة والشعب من أجل إيران.
ما حدث في مرفأ بيروت قد يحدث في ميناء رأس عيسى، والحديدة، إذا ما استمر وضع الناقلة «صافر» معلقًا دون معالجة عاجلة تُنهي أزمتها ومخاطرها المتوقعة على اليمن، وسواحل البحر الأحمر.
فالناقلة المصنَّعة في عام 1976 لا يمكنها الصمود 6 سنوات دون صيانة؛ وبالتالي هي أقرب إلى التآكل وتسرب النفط منها، والتسبب بحدوث كارثة بيئية وبشرية، لا يمكن التعامل معها بسهولة.
تسرب نفط الناقلة سيؤدي إلى تلوث السواحل على امتداد البحر الأحمر، وتدمير ما يقرب من 115 جزيرة، وسيؤثر سلبًا على النشاط الاقتصادي لما يقرب من 100 ألف يمني، يعتمدون في دخلهم على مهنة الصيد، خاصة أن تلوث الشواطئ اليمنية سيحدث ضررًا مباشرًا بالمخزون السمكي؛ وهو ما يعني وقف أنشطة الصيد قسرًا.
انفجار، أو تفجير «صافر» سيتسبب في إغلاق ميناء الحديدة الذي تدخل من خلاله ما يقرب من 70 المئة من واردات اليمن؛ وهذا سيُحدث كارثة إنسانية، تزيد من المعاناة الحالية.
قد لا يكون خطر تسرب النفط لأسباب مرتبطة بتهالك هيكل الناقلة سببًا وحيدًا للمخاوف؛ بل إن تفجير الناقلة من قِبل الحوثيين أمرٌ محتمل، ومن غير المستبعد تشريك الناقلة من قِبلهم تحسبًا لأي طارئ مستقبلي. فالعقل الإرهابي، وعقيدة «الولي الفقيه» المسيطرة على الحوثيين، سيدفعانهم لتدمير اليمن بأكمله تنفيذًا لأوامر إيران، أو حماية لوجودهم ومكتسباتهم.
الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف شدَّد خلال لقائه مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن «مارتن غريفث» على ضرورة بذل الجهد والإسراع بتمكين فريق الخبراء من معاينة ناقلة النفط «صافر» لتفادي الكارثة. لم يعد هناك متسع من الوقت لبذل الجهد، أو مزيد من المباحثات مع الحوثيين الذين ينتهجون سياسة النفَس الطويل، ومد زمن الأزمة من خلال المفاوضات العقيمة. خطر «صافر» لن يقتصر على اليمن فحسب؛ بل سيمتد لشواطئ المملكة، وجميع الدول المشاطِئة للبحر الأحمر؛ ما يستوجب العمل على إنهاء أزمتها من خلال مجلس الأمن بقرار مُلزم، يفضي إلى تفريغ الناقلة، ومن ثم قَطْرها إلى أحد الموانئ. رهن أمر الناقلة لقرار الحوثيين يعني موافقة ضمنية على تمكينهم من استثمارها لأهدافهم الإرهابية. المسؤولية الدولية عن «صافر» تفرض على مجلس الأمن وجميع الدول والمنظمات البيئية اتخاذ قرار عاجل وملزم بتفريغ الناقلة قسرًا، وعدم السماح للحوثيين باستخدامها كورقة تفاوضية أو أداة تدميرية لليمن، والبحر الأحمر، وجميع الدول المشاطئة له.