«الجزيرة الثقافية» - محمد المرزوقي:
صدر حديثًا عن دار التحبير 2020م، كتاب بعنوان: «رحلات ثقافية لبلدان عربية»، بقلم عبد الله بن حمد الحقيل - رحمه الله - وذلك في أربع وأربعين ومئة صفحة من القطع الكبير، متضمنًا عشرات الموضوعات عن العديد من الرحلات الثقافية لبدان عربية، التي جاء كل رحلة منها بمنزلة نافذة ثقافية يطل من خلالها القارئ إلى البلد العربي الذي زاره الحقيل، بأسلوبه السهل الممتنع الماتع الذي يخاطب بها عامة القراء وخاصتهم، بأسلوب يقوم على سرد الحكاية، بديباجة أدبية، تجمع بين وضوح الفكرة، وعمق المعنى، وحسن العرض، وجمال الصورة لتتناغم كل هذه المقومات في تقديم صور متناغمة التنوع والرؤى الثقافية، التي تجعل من هذا الإصدار حديقة ثقافية جمع أزاهيرها الثقافية عبد الله الحقيل.
(33) موضوعًا في أدب الرحلة، الذي قال عنه الحقيل: لقد استأثر أدب الرحلات باهتمام كبير من طبقات مثقفي العالم قديمًا وحديثًا، وعُني به أعلام بارزون عبر أطوار الثقافة على اختلاف مناهج الرحلات من أجناس العالم؛ وفي قراءة أدب الرحلات متعة وفائدة، ومعرفة وإحاطة بالعادات والتقاليد، والاستمتاع بمشاهد التاريخ ومعالم الحضارات ومظاهر الحياة، وهو سبيل من سبل المعرفة والثقافة الإنسانية، كما أنه مصدر للمؤرخ والجغرافي والاجتماعي، وقد فطر الله الإنسان على حب الاستطلاع واكتشاف كل جديد، ولا شك أن للأسفار مشقتها، وبخاصة قبل تطور وسائل الانتقال، لكن لها فوائدها.
وقد جاء تقديم الكتاب بقلم معالي وزير الإسكان، ووزير الشؤون البلدية والقروية المكلف، الأستاذ ماجد بن عبد الله بن حمد الحقيل، الذي استهل تقديمه، قائلاً: «أن تتولى مقدمة كتاب لأحد المثقفين المؤرخين، فهذا أمر لا تخفى صعوبته، فإن كان الكاتب أديبًا، فالأمر أكثر صعوبة، فكيف إذا كان المؤلف صاحب فضل كبير عليك وأحد قدواتك في الحياة؟! لا شك بأنها مهمة في غاية الصعوبة، متزاحمة المشاعر، تتدافع فيها الكلمات والأفكار، وتتجاذب فيها العواطف والذكريات! فكيف إذا كنت أكتب هذه المقدمة عن الراحل الكبير.. أبي؟!»، مضيفًا معاليه في سياق تقديمه لكتاب والده: «أكتبها نيابة عنه - رحمه الله - بالحروف والكلمات التي تعلمتها منه، والدروس والمعاني الكثيرة التي استفدتها منه، وهذا الكتاب واحد من تلك الدروس المضيئة، فكل قامة مؤثرة عليه مسؤولية تدوين تجاربه ليستفيد منها أجيال المستقبل، كما فعلتَ يا أبي في كتابك هذا».
وقال معاليه، مخاطبًا والده: «كنتَ أثناء تأليفك هذا الكتاب تقدم درسًا آخر في أهمية احترام الوقت والمعرفة، والحرص على الإتقان، فرغم أنك يا والدي كنتَ في حالة صحية حرجة، ورغم الألم والتعب، لم يمنعك ذلك من بذل الجهد والوقت فيما هو مفيد، فكنتَ تراجع وتصحح كل حرف في كتابك، لأنك وضعت لنفسك معايير عالية، فلا تقبل أن يخرج إلا وهو في أعلى جودة، كما كنت تضع أهدافًا جديدة لكل يوم وتخصص الوقت من يومك إنجاز ذلك الهدف مهما كانت الظروف».
أما عن الكتاب، فأضاف معاليه، قائلاً: «جعلتني قراءة هذا الكتاب أعيش معك يا أبي مرتين، وأكتشف أشياء جديدة! وأرى الأمور بمنظور آخر! وستبقى كلماتك وآراؤك - بمشيئة الله - تنبض بالحياة، تعانق عيون القراء، وتثير العقول والقلوب، وبإذن الله يبقى هذا الكتاب صدقة جارية من العلم النافع الذي لا ينقطع أثره؛ وكم أنا فخور بك يا أبي معلمًا, أديبًا ومؤرخًا، وكم أنا حزين على فراقك والدًا ومربيًا تزرع الحب وتنشر المحبة والرفق والرحمة، وقيم العمل الجاد».
فيما وجه معاليه، في تقديم لإصدار كتاب والده، رسالة إلى القراء، قال فيها: «أضع بين يديك أيها القارئ كتابًا عزيزًا على نفسي يتضمن مقطوعات أدبية رائعة، دوَّن بها المؤلف - رحمه الله - تجربته ومشاهداته في رحلات علمية ثقافية متنوعة لبلدان عدة عربية، ليقدم للقارئ آخر مؤلفاته في (أدب الرحلات)، ذلك الفن المحبب إلى قلبه، والذي غدا المؤلف من أبرز أعلامه في عصرنا الحاضر».