عثمان بن حمد أباالخيل
الإنسان الكائن الوحيد الذي يستطيع أن يسخر جميع مخلوقات الله لخدمته وذلك لما وهبه الله من عقل وبصيرة وقلب رحيم. من الطبيعي أن يحب الإنسان نفسه، فالإنسان الذي يحب نفسه يهتم بمصالحه الشخصية المتنوعة من شخصية اجتماعية وعملية وإنتاجية وأخلاق وآداب وقيم إنسانية وعلم ومعرفة وتعامل مع الآخرين والبحث عن السّلم الذي يوصله على قمة الرضا عن الذات. مدى تقديرنا لأنفسنا، يتضمن تقدير الذات دائماً درجة من التقييم وقد يكون لدينا نظرة إيجابية أو سلبية عن أنفسنا، وقد يشعر الإنسان بذاته دون الحاجة لتقييم الآخرين له وذلك من خلال تقبله لنفسه ورضاه عنها مما يجعله يشعر بالسعادة ويسعد من حوله ويبني لنفسه قصراً شامخاً من السمعة الحسنة التي تبني في داخلة الصورة الذهنية الجميلة.
نسبة مئوية من المميزين يقللون من شأن إنجازاتهم، لأنها تبدو في أعينهم أشياء بسيطة لم تكلفهم إلا جهداً وهذه قمة الرضا عن الذات مع القناعة أن هناك من يستطيع أن يؤدي وينجز نفس العمل وبنفس الدقة. أتساءل ما هي مكونات مفهوم الذات الصورة الذهنية التي ترسمها لنفسك أمام ذاتك وأمام الآخرين، احترام ذاتك أمام الآخرين وعدم التقليل من شأنها والبحث عن الذات المثالية والسعي إلى الوصول إليها. وعدو الذات الوحيد هي لا تكن ثقتك بنفسك متدنية حتى لا ينتابك الشعور بالنقص وتحطم ذاتك وتجلدها. وجلد الذات مرض خطير فالإنسان يضخمَ أخطاءَه ويتلذَّذ بالحديث عنها، ويفرح لجرْح نفسه؛ للشعور بمزيد من الألَم، ما عليه سوى حب ذاته واحترامها وبالتالي تكوين شخصية سوية ومؤثّرة وناجحة اجتماعياً وعملياً لكن الابتعاد عن الأنانية التي تأتي بنتيجة عكسية على حياة الإنسان.
الحقيقة التي لا غبار عليها أن الإنسان ليس معصوماً من الأخطاء، وقد تطغى الأنا أحياناً، ولكن المقصود هو التوازن والاعتدال بين حب الذات وحب الخير للآخرين، وقد جاء في الحديث الشريف أن حب الخير للناس من الإيمان، ومفهوم المخالفة أن ضعف حب الخير للناس من نقص الإيمان، فَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ). إن حب الذات دون كبرياء أو رياء أمر محبب لكن هذا الحب لا يتحول إلى النرجسية ومن ثم وحل الأنا والغوص في متاهات الضياع وفي نفس الوقت لا تقلل من شأن ذاتك أمام الآخرين فكيف أمام نفسه فتفسد عليها شموخها.
همسة قبل أن تحب الآخرين حب ذاتك تستريح وتسعد وتشعر بجمال الحياة ولا تنظر لحب الآخرين لأنفسهم فالحب لا يقارن. من منطلق فاقد الشيء لا يعطيه، فتطوير حب الذات هو مفتاح من مفاتيح الارتقاء بالذات وتحصيل السعادة وتحقيق النجاح. اقتبس بيت شعر لحب الذات للشاعر أبو الطيّب المتنبي:
أمِطْ عنك تشبيهي بما وكأنَّه
فما أحَدُ فوقي، ولا أَحَدُ مثلي