إيمان الدبيَّان
مهما ابتعد أفراد المجتمع بعيدا، أو قريبا، يعودون سريعا، ومجددا للحديث عنه، ومهما كانت الحالة الاجتماعية، والعلمية فغالبا كل فرد هو جزء منه، إنه حديث الدراسة بعيدا عن المدارس، الذي ينشغل به الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفي كل المجالس.
إن قرار الدراسة عن بعد، وبدء العام الدراسي في هذا الوقت كما هو معتمد في التقويم الدراسي ليس قراراً سهلاً، ولا بسيطاً؛ لذا احتاج وقتاً، وجهداً، وعملاً، وتشاوراً بين عدد كبير من القطاعات الحكومية التي تعقد اجتماعاتها، وتتابع لجانها لاتخاذ القرار الذي يحفظ للجميع الصحة، والسلامة ويحقق العملية التعليمية بنجاح وأمانة.
عندما نقول العودة للمدارس نعني عودة مئات الآلاف من الطلاب، والمعلمين ذكوراً، وإناثاً، صغاراً، وكباراً، شباباً، وأطفالاً لمكان واحد، في وقت واحد، في المدن، والقرى في القطاع الحكومي، والأهلي، في مدارس كبيرة الأعداد وهي الأكثر، أو صغيرة وهي الأقل، ومع استمرار هذه الجائحة لزاما على الجميع التقيد بالاحترازات الصحية الأساسية من لبس للكمامة، ووجود مسافة آمنة داخل فصول مساحتها محدودة، وبداخلها أعداد في الثلاثين أو الأربعين موجودة فهل ستتحقق بين الجميع المسافة المحسوبة، والاشتراطات الصحية المطلوبة؟!
اليوم الدراسي مهما اختصرت ساعاته، وحددت متطلباته يحتاج الطالب فيه إلى دورات مياه مهيأة، ومقاصف مدرسية للوجبات منسقة، وحتى إن أحضر الطالب طعامه فهل سيكون الأكل في الفصل مكانه؟! أم في ساحة لا يجد فيها ارتياحه؟! وحتى إن كان وقت الفسحة على الفصول مقسم فهل سيفي الوقت للجميع بين الدرس، والراحة والمطعم؟!
بعض الطلاب وخصوصا في الصفوف الأولى قد يرى الأغلب أنهم لن يستطيعوا التعلم عن بعد، ولا بد من تعليم واقعي وليس افتراضي؛ ولكن واقع أطفالنا اليوم معظمهم هم من يعلموننا بعض أبجديات الهواتف، والحواسيب فهم يتقنونها أكثر منا، ويتعاملون معها ببراعة تذهلنا؛ ولكنهم إن لبسوا الكمامة ساعة هل سيلبسونها كل ساعة من الصباح إلى الظهيرة؟! وهل سيغسلون يديهم كل ما لامسوا أبوابا، وأقلاما، وكتبا، ولوحا، في حجرة الدرس الكبيرة أو الصغيرة؟!
بعد كل درس، وبانتهاء يوم بالنسبة للغد هو الأمس هناك حاجة للتعقيم مكانا، وأثاثا، وأفرادا، وزوارا لمواجهة الفايروس الذي قد يكون محمولا ولم يظهر، أو أحدهم مخالطا ولم يشعر، فكم من أبنائنا أو معلمينا بهذا الفايروس سيتأثر؟! وكم غيرهم من أفراد المجتمع والأسر من خلالهم لكورنا سينشر؟!
قرار كبير ووباء خطير، دولة عظمى وسياسة في مواجهة الجائحة مثلى، وصلنا بالتعليم الواقعي لمراكز متقدمة وبتجربة التعليم عن بعد حققنا مستويات مذهلة، ولأن الإنسان مواطنا، ومقيما في هذا الوطن هو الأول كان قرار الدراسة عن بُعد لفترة يُقيّم خلالها الوضع صحياً، وميدانياً.
وزارة التعليم وبمهارة، بكل حرص وجدارة هيأت منصات التعليم، ويسّرت ما يحتاجه الطالب من شرح، وتقويم، وبقي الدور الأكبر في الوصول إلى الهدف المثمر على الطالب، وأسرته في حضور الدروس والمثابرة، والاهتمام والمتابعة.
الدراسة عن بعد اليوم إن اضطرتنا الجائحة العالمية إليها فإني أرى مستقبلا ستكون استراتيجية تُعوّدنا التقنية عليها.
قرار صائب والحرص فيه على السلامة غير غائب وإن كنت أتمنى أن يكون حضور الكادر الإداري لا يتجاوز الأسبوع من أجل تسليم الكتب لأولياء الأمور أما غير ذلك فلا حاجة فيه للحضور فكل الأعمال الكترونيا مربوطة، وبالتقنية معقودة تحقيقا للرؤية الوطنية، وعملا بالاحترازات الصحية.
عام دراسي بالتوفيق علقنا أمنياتنا فيه ولكل نجاح نطمح جميعنا إليه.