د. عبدالرحمن الشلاش
فرض فيروس كورونا سريع الانتشار على المجتمعات وبالذات العربية مراجعة لكثير من عاداتها غير الصحية والتي كانت سبباً مباشراً للعدوى على الأقل في الماضي من أمراض أقل خطورة من كورونا مثل الإنفلونزا. معالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة حثَّ كافة المواطنين والمقيمين على الاهتمام بالوقاية وفعل الأسباب وأخذ الحيطة والحذر بتجنب المصافحة، وتجنب الأماكن المزدحمة، والاهتمام بنظافة اليدين لأنها أكبر ناقل للعدوى!
نظافة اليدين ترتبط مباشرة بعادة المصافحة التي تصل إلى القبلات بين المتصافحين خاصة في المناسبات مثل الزواجات والمناسبات الكبيرة والحفلات. كثير من الواعين نفذوا التعليمات الصحية فصار السلام من بعيد وبالنظر يفي بالغرض والمحبة في القلوب وما يحتاج كل هذا الاحتفاء الزائد. عندما تقابل أي شخص عزيز تقول له سلم علي من بعيد. سيكون حظك جيداً إن كان من المدركين لخطورة السلام بالمصافحة، لكن حظك سيكون عاثراً إن قابلت من لا يعترف بالاحتياطات ولا الاحترازات، بل إن هذه النوعية قليلة الوعي ضعيفة الإدراك تعتبر من يتقيد بالتعليمات ويحتاط موسوساً، ومكبراً للموضوع، الأسوأ أن هناك من سيستشهد بقوله تعالى {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا} من باب التوكل على الله وهو لا يعرف أن فعل الأسباب ومنها الاحتياطات لا ينافي التوكل على الله، والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة كثيرة، لكن ماذا تفعل مع بعض العقليات البليدة والعقول المتحجّرة؟
هل تصدق أن بعض هؤلاء يزعل عليك إذا لم تسلِّم عليه وتصافحه وتقبّله وتحضنه! لأن مقياس المعزَّة عنده بتطبيق هذا الأسلوب الذي بات خطراً في ظل انتشار الوباء حتى أصبح قضية العالم كله، والموضوع الذي لا ينقطع الحديث عنه والتداول فيه على مدار الدقيقة!
تسمع في بعض الأوقات في الدوام مثلاً تعالي أصوات وعبارات متقطعة، هذا زعلان وذاك عتبان، وآخر شره على زميله الحميم الذي تجاهله ولم يصافحه وإنما سلَّم عليه من بعيد باستخدام الإشارة باليد التي استفزته!
البعض يتطوَّع وبأسلوب هجومي لإلقاء التحية فلا يترك لك مجالاً للتفكير أو التقاط الأنفاس فيقبض على يدك ثم يضع يديه برقبتك ويشبعك بسيل من القبلات ويمضي ليشبع الآخرين بنفس الأسلوب لا يترك أحداً وربما يعود إليك مرة أخرى على اعتبار أنه ربما نسي أنه سلَّم عليك. هذا النوع كيف تستطيع إقناعه بأن ما يقوم به خطأ فادح وأن عليه أن يسلِّم من بعيد، فالمسألة في الدين إفشاء السلام لا أكثر. وفي هذا الظرف يجب التوقف عن هذه السلوكيات الخاطئة ويكون السلام بالنظر.