تمثل «الترجمة» قيمة معرفية تساهم في تعزيز التواصل الثقافي مع الآخر، ونظراً لما يحتله المترجمون من أهمية بوصفهم سفراء ثقافيين يتحملون مسؤولية رفد العلوم والمعارف بالجديد والمفيد، فإن أقل إنصاف يستحقونه هو أن يتم تخصيص جائزة مرموقة لهم، معترف بها رسمياً، وذات وجاهة لدى المؤسسات والمجتمع الثقافي، وهذا ما فعلته وزارة الثقافة عندما خصصت جائزة للترجمة ضمن مبادرة «الجوائز الثقافية الوطنية»، في خطوة اعتبرها المترجمون تقديراً جاء في وقته من وزارة طموحة وجادة في تنفيذ مشروعها الثقافي الشامل.
وأكدت المترجمة خلود العصيمي أن جائزة الترجمة تضع اللبنة الأولى لسَن معايير وضوابط تنقل الترجمة من الاجتهادية إلى الاحترافية، وتكون مرجعاً منتظماً للمترجم الذي يسعى أن يكون متميزًا في مجاله «حيث تعد الترجمة إحدى المجالات الهامة في بناء الجسور المعرفية بين الأمم والشعوب». مشيدة بالجائزة وبدورها في تنمية روح المبادرة لدي الشغوفين بالمجال لإثراء ورفد المكتبة العربية بالمعارف، «إلى جانب تعزيز دور الترجمة كمهنة خليقة بنقل الموروث الثقافي والعلمي من لسان إلى آخر، بين اللغات الحية التي تعد لغتنا العربية إحداها، بل وأهمها على الإطلاق لما تكتنزه من قيمة حضارية وإنسانية وتاريخية.
فيما استبشر المترجم راضي النماصي بخبر إطلاق مبادرة «الجوائز الثقافية الوطنية»، وتضمينها جائزة خاصة بفن الترجمة. وقال: «كان خبراً مُفرحاً للمترجمين والمترجمات السعوديين، إذ ستشكل هذه المبادرة دافعاً معنوياً لحاملي لواء الترجمة في وطننا الغالي، وكذلك للمهتمين والموهوبين الذين أحبطوا جراء صناعة النشر العربية، فباتت جودة المواد المترجمة الثقافية دون المأمول». مضيفاً: «ستخلق جائزة الترجمة معياراً على أساسه تثمن الجهود وتميز الأدوار وتقدر الإمكانات، بالإضافة إلى الدعم من الناحيتين المادية والمعنوية، وهذا بلا شك له انعكاسات جيدة على سير الآداب ونهضتها».
ولم يخف المترجم عبدالله الزماي تفاؤله بمبادرات الوزارة في كل المجالات الثقافية وإعجابه بما تقوم به من عمل حثيث وبخطوات متسارعة وإتقان متفرد في قطاعات كبيرة مهمة لكل منها عالمه المختلف، «وإن كانت جميعها أودية تصب في نهر الثقافة العذب». وفيما يخص جائزة الترجمة قال: «نتابع هذا الحراك بكثير من الأمل والتفاؤل، لما يملكه وطننا من طاقات شبابية عظيمة من المترجمين والمترجمات الذين أثبتوا من خلال أعمالهم التي قدموها إمكانياتهم العالية ومهاراتهم المتطورة».
وأردف: «لا أحد بمقدوره أن ينكر أهمية الترجمة والمترجم في التواصل بين الشعوب، ونقل آداب وفنون وثقافات وحضارات الأمم بينها البين». مضيفاً: «الترجمة فن قائم بذاته وأحد أهم الفنون، ولكي تزدهر وتتطور، يجب خلق مثل هذا المناخ التنافسي وتوظيف الجهود الفردية المتناثرة هنا وهناك، والعمل على ضبطها وتوجيهها لخدمة الوطن وعكس ثقافته».
من جانبه أبدى المترجم حمد الشمري ملاحظته الدائمة لشكاوى المترجمين وامتعاضهم الدائم من قلة التقدير، وأحاديثهم عن وجود ظل يسترهم ويجعلهم بالخفاء. وقال: «بغض النظر عن أهلية هذه الشكوى ودقة نسبتها وحجم الظل الموجود في خطاب المترجمين، فإن جائزة الترجمة التي أطلقتها وزارة الثقافة، تأتي برمزية عظيمة، وكأنها وقفة التصفيق، ومعزوفة التقدير، والضوء الذي يبحث عنه المترجم بوصفه مبدعاً يستحق التكريم».
يذكر أن جائزة الترجمة تأتي ضمن 14 جائزة ثقافية ستمنح سنوياً لأهم الإنجازات الثقافية التي يحققها الأفراد السعوديون أو المؤسسات الناشطة في المملكة، وتتوزع الجوائز إلى جائزة شخصية العام الثقافية، جائزة الثقافة للشباب، جائزة المؤسسات الثقافية، وجائزة الأفلام، والأزياء، والموسيقى، والتراث الوطني، والأدب، والمسرح والفنون الأدائية، والفنون البصرية، والعمارة والتصميم، وفنون الطهي، والنشر، وجائزة الترجمة.