إن رحلة حج هذا العام رحلةُ العمر! فظروف الوباء قد أحاطت به من كل جانب, وتطلعات الدول الإسلامية وشعوبها قد أخذت من حكومتنا مأخذها, وحجاج الداخل يرون أنها أعظم فرصة لأداء فرضهم! ولكن نظرة المسؤولين أعمق وأدق. فالحفاظ على أرواح الناس مُقدّمٌ على كل عاطفة, فحكومتنا عندها حرص أكيد على سلامة الناس وأمنهم وأرواحهم منطلقين من قول الله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}. وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، «لا ضرر ولا ضرار». وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يورد مُمرضٌ على مُصح». فملايين المسلمين كانوا يتشوّقون لأداء فريضة الحج ولكن قدّر الله وما شاء فعل, فقد جاء هذا الوباء وحال بينهم وبين ما يشتهون! فليبشر كل مَن همَّ على فعل طاعة ولم يعملها فقد كُتبت له عند الله كاملة! روى البخاري -رحمه الله- عن أنسٍ رضي الله عنه قال: رجعنا من غزوة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إن أقوامًا خلفنا بالمدينة ما سلكنا شِعْباً ولا واديًا إلا وهم معنا، حبسهم العذر».
ومما سَرّ في حج هذا العام حرص المسؤولين على تحري السنّة وتطبيقها, فقد وقفوا بحجاج هذا العام بكل مواقف النبي صلى الله عليه وسلم.
وبحمد الله وفضله أُقيمت شعيرة الحج رغم صعوبة الظروف، وكان له من الثناء ما اتفق الجميع عليه. وهذا بفضل الله تعالى وحده, ثم بجهودٍ مضنية بُذلت من حكومتنا الرشيدة ورجالٍ مخلصين محبين للخير! فقد قاموا بتنظيمٍ دقيق، وجودةٍ عالية, يستحقون عليه أصدق الدعوات! أما رجال الأمن فهم علامةٌ فارقة, حضورٌ كثيف, واستعدادٌ كبير, ووزارة الصحة وفّرت الخِدْمات، وقامت بالفحوصات، وأخذت بعون الله بكل الاحتياطات {فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}.
حقًا أجواء حج جميلة بتوفيق الله, فجزى خيرًا كل مَن خطّط وأمر وسهّل ورعى.