عثمان أبوبكر مالي
تصرّف (غريب ومشين وأرعن) ذلك الذي صدر من حارس مرمى فريق الاتفاق لكرة القدم الكابتن رايس مبولحي (جزائري) بعد نهاية مباراة فريقه (الدورية) أمام فريق الاتحاد، وعند مدخل العودة إلى غرف الملابس، في ملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية في جدة.
لم أشاهد طوال وجودي في الملاعب الرياضية السعودية، وعلى مدى أكثر من أربعين عاماً؛ تصرفاً مشيناً سيئاً بتلك الدرجة من الرعونة والتهور التي صدرت من الحارس، بل أجزم أن ملاعبنا مع كل ما حدث فيها من سوابق غير مقبولة في الخروج والتجاوز والتهور من بعض اللاعبين داخل المستطيل الأخضر أو خارجه، لم يحدث أن شهدت مثل ما قام به اللاعب ومحاولته (الاعتداء) على لاعب منافس ورميه بما أصبح معروفاً ويطلق عليه (قذيفة الجزمة الطائرة) - كرم الله القارئ -.
شهدنا معارك كلامية وتشابكاً بالأيدي و(مضاربة) جماعية وصعود مدرجات وملاحقة في المضمار وغير ذلك، لكن لم أشاهد ولا أعرف ولم أقرأ أنه حدثت محاولة اعتداء (بالحذاء) من لاعب تجاه لاعب آخر، فالحذاء يمثِّل الدونية والإهانة، ومحاولة ضرب (زميل) به هو اعتداء على كرامته وإنسانيته، وفيه تجاوز كبير على المسابقة الفخمة واسمها الكبير وعلى آدمية اللاعب الآخر وعلى زملائه وناديه، وحتى على الجماهير الرياضية التي كانت تتابع المباراة وتشاهد النقل الحي على الهواء مباشرة.
أياً كان السبب الذي (يدّعيه) اللاعب لا شيء يمكن أن يبرر ما قام به، بل لا يصدق أن هناك ما تعرّض له أثناء مجريات المباراة ودفعه إلى فعلته تلك، وإلا كيف سكت وتحمّل حتى انتهائها، ولم يحاول حتى مجرد الذهاب إلى حكم المباراة وإشعاره بأنه يتعرّض أو تعرّض للشتم، وخصوصاً أنه قائد فريقه ومن حقه أن يتحدث للحكم في أي وقت من أوقات المباراة، والأغرب مما فعله اللاعب محاولة إدارة ناديه وهي الإدارة التي نصفها (بالخلوقة والهادئة) التبرير للاعب، واختلاق سبب لا يمكن إثباته يجيز تصرفه، وبدلاً من القيام بمعاقبة اللاعب أو محاولة احتواء الموضوع، لجأت إلى تصعيده إعلامياً، واختلاق (قصة) في محاولة لتضليل الحقيقة وكسب الرأي العام والتأثير على القرار المنتظر و(المفروغ) منه من قبل لجنة الانضباط، وخصوصاً أن تصرّف اللاعب (رصده) مراقب المباراة بجواله الخاص و(شاهده العالم) بعد أن نقل على الهواء مباشرة وبكاميرات الناقل الرسمي (التي لا تكذب ولا تجامل ولا تدلس) ولا يمكن تبريره ناهيك عن تغطيته، فقد كان فعلاً فاضحاً واضحاً مثل الشمس عندما تكون في كبد السماء في رابعة النهار.
كلام مشفر
* حتى كتابة هذا المقال لم تصدر عقوبة منتظره على اللاعب، وقد يكون ذلك طبيعياً، على اعتبار أنه موقوف مباراة فريقه في جولة الأسبوع بالبطاقة الحمراء، لكن المرجو أن لا تكون كسباً للوقت لامتصاص غضب الشارع الرياضي ومن ثم تأتي عقوبة مخففة أو مجاملة.
* لا أعرف لحظة انفعال (مبولحي) كيف يمكن أن يكون الحال لو تجاوب لاعبو الاتحاد أو بعضهم أو حتى أحدهم مع تصرفه الأرعن، وصدرت ردة فعل عنيفة مشابهة، مما كان يمكن أن ينتج عنه (عراك جماعي) واختلاط الحابل بالنابل، وتكون فضيحة بجلاجل للدوري السعودي.
* لا أحد يقبل بالشتيمة على نفسه، فكيف بسب الأم، ولا أفهم كيف صمت اللاعب (إن كان صادقاً) وصبر حتى انتهاء المباراة؟ ومتى كان السب الذي (يدّعيه) لم ير أحد أي بوادر أو انفعال له وقت المباراة، فقد كانت تسير بروح رياضية إلى لحظة اشتعال قذيفته.
* يقول بعض الاتفاقيين دفاعاً عن فعلة الحارس إنه لم يسبق أن صدرت منه تصرفات أو خروج من قبل، وأقول هذا صحيح في ملاعبنا ولكن عودوا إلى ماضية ومقاطع له في (اليوتيوب) ومنها شجاره العنيف مع محرز، ومن يريد التأكد عليه فقط أن يكتب (شجارات رايس مبولحي) ويتأكد بنفسه.
* سؤال مهم يطرح نفسه: إذا كان رومارينيهو لاعب الاتحاد (المتهم) لا يتحدث سوى البرتغالية، ومبولحي يتحدث الفرنسية، فما هي اللغة التي شتمه بها، احترموا عقول الناس قبل مغالطة الحقائق.
* أمام لاعبي فريق الاتحاد وجهازه الإداري خمس مباريات (تاريخية) تعد بمثابة مباريات خروج المغلوب، بحثاً عن البقاء الذي هو بأيديهم وليس منافسيهم، ومن المهم جداً التركيز والحرص على البقاء والعمل داخل المستطيل الأخضر، فالوقت لا مجال فيه للكلام والثرثرة.