زكية إبراهيم الحجي
واقعٌ عربي مرير.. واقعٌ مليء بالفوضى والأحداث المتلاحقة من أزمات وحروب.. صراعات طائفية وانقسامات بين العرب أنفسهم.. معاناة من تدخلات خارجية وقوى تُوظف الطائفية والمذهبية لتحقيق أغراض سياسية مقيتة.. أوضاع إنسانية مؤلمة يندى لها الجبين وهروب إلى لا مكان فأي حاضرة معاصرة يعيشها عالمنا العربي.. وأي نهضة وإنجاز حضاري ستحققه شعوب المنطقة العربية وهي محاطة بهذا الكم المتعاظم من الاضطرابات والتطورات المأساوية التي عصفت بالإنسان العربي ولامست كرامته وهددت كيانه.
إن الأزمات التي تواجهها منطقتنا العربية تنطوي على نتائج لا حدود لها من تصاعد وتوتر.. ومن مساومات ومقايضات على ثروات المنطقة العربية والتحكم بها.. عقد من الزمن اتسعت خلاله الهوة في وطننا العربي الكبير الممتد من المحيط إلى الخليج وباتت بعض دول المنطقة العربية تُخيم عليها واقعية سوداوية تقودها إلى طريق مجهول.. وشعوبها المنكسرة تضع ألف علامة استفهام خلف إلى أين وماذا بعد.
سوريا مهد الحضارات وشمس إشعاعها التي لم تخمد جذوتها على مر العصور.. بلاد الرافدين أو كما أطلق عليها العرب يوماً ما بأرض بابل حيث نشأت أقدم حضارات التاريخ الحضارة البابلية والسومرية أرض الحدائق المعلقة وبوابة عشتار.. ليبيا أرض أساطير الإغريق يوم أن عبروا بوابتها حاملين معهم الحضارة اليونانية بكل ما أبدعه إزميل نحاتيها من روائع فنية بديعة الجمال.. اليمن التي احتضنت أعظم حضارات عرفتها البشرية على مر التاريخ.. حضارة مملكة سبأ.. وعرش بلقيس وكنوز حمير التي توارت في باطن الأرض منذ آلاف السنين لتمتزج الحقائق بالأساطير حول هذه الحضارة التليدة.. لبنان جنة الشرق في الأرض وملتقى الحضارات المتنوعة والآثار النادرة ذات الجذور الفينيقية التي ارتوت من مياه مدينة الشمس «بعلبك». اليوم كيف هو المشهد الذي آلت إليه جغرافية وأوضاع هذه الدول التي تمثل جزءًا غالياً من جسد منطقتنا العربية.. مشهد مؤلم يعكس معاناة شعوب تسير في ردهات التيه ومسالك المجهول والسقوط في براثن الخذلان.
السؤال الذي يبحث عن إجابة.. تُرى ما سر الصمت العالمي المطبق على معاول عدو العرب المجرم القاتل أردوغان الذي يخبئ مؤامراته ودسائسه تحت عباءة الدين الإسلامي ثم ينتهك حرمة الحدود ويتوغل في الأرض العربية ليحقق مخططاته التي تحركها النزعة التوسعية لابتلاع أجزاء من الأراضي السورية والعراقية والليبية.. فإذا كان وجه الذئب بقناع الحمل سقط قناعه وانكشف أمره فإن قاسماً مشتركاً يجمع بينه وبين راعي ومصدر الإرهاب «الخميني» وأتباعه في لبنان واليمن.. إن ما يفعله النظام الإيراني المارق وزمرته في لبنان واليمن وعمله المستمر على تقويض دول جيرانه في الخليج العربي من خلال اللعب على أوتار مختلفة من زرع لخلايا إرهابية موالية له كما في البحرين.. أو من خلال الصواريخ والطائرات المسيرة يوجهها إلى وطني المملكة العربية السعودية والتي بحمد الله يتصدى لها رجال دفاعنا وحماة الوطن جنودنا البواسل.. النظام التركي والنظام الإيراني سياسة مبنية على الإرهاب والتفجير والتخريب وزعزعة أمن الدول العربية والتدخل في شؤونها وهذا ديدنهم الذي توارثوه عن آبائهم وأجدادهم.