ميسون أبو بكر
الحياة التي تفتح أبوابها على مصراعيها، تمنحنا من الفرح والحزن، من النجاح والفشل، من الحب والكراهية ما يمتلئ به عالمنا، الحياة مجموعة من المتناقضات وهذه سنتها، وخليط من البشر أمزجة مختلفة، توجهات لا تشبه بعضها.. أفكار تلتقي حينا وتختلف أحايين كثيرة، هي الحياة عواصف وأعاصير ثم هدوء يتلو العاصفة أو يسبقها، ونحن كقشة في مهب الريح تحركها أقدارنا وعزمنا وإصرارنا وإيماننا كذلك ويقيننا ومحفزات للعمل والأمل والنجاة.
الأوضاع الحالية لهذا المرض المقيت الذي غزا العالم - كوفيد 19- قلب الطاولة وأربك الحياة وغير مجراها، وقطع أوصالها، وكان من الصعب على الإنسان هذا الكائن الاجتماعي أن ينعزل أو يتجنب الآخرين، أو يرتدي الأقنعة والقفازات، وهو الذي يعتبر حاسة اللمس وسيلة حميمة للسلام والعناق والتقارب من الآخرين وتوصيل أحاسيسه ومشاعره.
كورونا جمدت السفر برا وبحرا، قطعت شرايين الطرق وقلبت العالم لعالم أشباح، أوقفت الحركة التعليمية على مقاعد الدرس، فلجأنا للتعليم الالكتروني عن بعد والذي لم تنضج تجربته بعد، أوقفت المهرجانات والاحتفالات الكبرى والمعارض والندوات واللقاءات والرياضة وتعطل الاقتصاد كذلك، أقفلت بيوتا مفتوحة، وغاب من غاب تحت التراب بلا وداع ولا أحبة ولا صلاة يقيمها المئات، وغدا أحبته بلا عزاء ولا رفقة تخفف عنه مرارة الفقد، حتى أولئك المحجوزين في المستشفيات بلا زيارات وبأجهزة تساعد على الحياة والتنفس يقعون تحت عبء هذا المرض المقيت ويعانون رهاب الموت به.
الحياة التي نعيشها لا تشبهنا، مهما حاولنا أن نتأقلم معها ونتصدى لخوفنا، بيوتنا لا أصدقاء فيها، وأعمالنا تعطلت وأحوالنا تبدلت.
نحن كمن هم في بحر لجيّ، أمواجه ثائرة ورياحه عاتية ونحن بين بين.. ننشد ضفة للنجاة وقاربا قد يأخذنا إليها.
بواخر من الأسئلة تنفض حملها وتمضي.. إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ هل الخلاص قريبا؟ وهل نستطيع أن نعيش بجفاف عاطفي وتباعد مقيت؟! هل هو إعادة تشغيل العالم بنكهة كورونية!! ومتى سيصبح ما نعيش به مجرد ذكرى نضحك أو نتألم منها حين نستذكرها!
وكأن بيت الشاعر هو مرآة حالنا؛
أضحى التنائي بديلا من تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا
وعدت نفسي وأذكرها مراراً أنني سأواجه المرض بمعنويات عالية، بمناعة جسدية ونفسية لأستطيع أن أتخطاه، لأنه لا يسقط إلا الضعفاء ولا أريد أن أكون منهم.