إيمان عبدالعزيز الأحمدي
تتضمن برامج رؤية المملكة (2030) برنامج تعزيز حوكمة العمل الحكومي، إدراكاً من الدولة لأهمية تبني حوكمة مؤسساتها بالشكل الذي يضمن تحقيق الحد المطلوب من مبادئ الحوكمة المرتبطة بالشفافية والمساءلة والمشاركة والمرونة والاستقلالية والإفصاح. وتأكيداً لأهمية دور نظام الحوكمة في العمل الإداري أقرّ مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية نظام حوكمة متكاملاً لضمان مأسسة العمل في الرؤية نفسها،كما توجهت الدعوة لكل مؤسسات الدولة لتبني نظام الحوكمة الذي يمثّل أفضل السبل الآمنة للسير بهذه الرؤية نحو تحقيق أهدافها.
ومع تعدد مؤسسات الدولة فإن مؤسسات بيئة التعليم العالي المتمثلة بالجامعات تعد من أهم المؤسسات التي يجب أن تضطلع بأدوار مهمة وحيوية في هذه الرؤية، وتسعى لتحقيق الحوكمة في أروقتها.
والحوكمة هي مجموعة من القوانين والنظم والقرارات التي تهدف إلى تحقيق الجودة والتميّز في الأداء، عن طريق اختيار الأساليب المناسبة والفعَّالة لتحقيق خطط وأهداف المؤسسة.
وتظهر أهمية الحوكمة للجامعات في أنها تساعد على الحصول على الاعتماد الأكاديمي العالمي، حيث إن تطبيق قوانين الحوكمة قد يسهم في تحقيق الميزة التنافسية في جودة مخرجاتها المادية والمعنوية، وفي سمعتها الأكاديمية والعلمية المحلية والإقليمية والدولية،حيث إن من أهم أهداف الحوكمة تعزيز فاعلية الجامعات، وزيادة كفاءتها الداخلية والخارجية من خلال تكوين بيئة صالحه للعمل، ويتم ذلك من خلال مبادئ الحوكمة كالمشاركة والشفافية والمسؤولية والعدالة والمساءلة.
وتمر الحوكمة بعدة مراحل وهي: مرحلة التعريف بالحوكمة المؤسسية: وهي تعد من المراحل الأولية للحوكمة والأكثر أهمية، حيث يتم التمييز بين الحوكمة كثقافة، وكمدخل إداري يتم العمل به، كما يتم توضيح منهجية الحوكمة وطبيعتها، وتحديد الأدوات والوسائل التي سوف تستخدم؛ وهناك مرحلة بناء البنية الأساسية للحوكمة، حيث تتطلب حوكمة مؤسسات التعليم العالي وجود بنية أساسية قوية، قادرة على التعامل مع متغيِّرات ومستجدات البيئة المحيطة؛ أما مرحلة عمل برنامج قياس للحوكمة فيعني وجود برنامج زمني يحدد فيه المهام والأعمال اللازم تنفيذها، وذلك لتتمكن الجامعة من مراقبة ومتابعة التقدم في تنفيذ المهام، ومعرفة المعوقات والصعوبات التي تعيق عملية التقدم؛ ويلي ذلك مرحلة تنفيذ برنامج الحوكمة الذي يتطلب تنفيذ الحوكمة من خلال مجموعة من الممارسات كالشفافية والمساءلة الهدالة والمسؤولية، ووضع الإجراءات الإصلاحية اللازمة لتنفيذها؛ وختاماً تأتي مرحلة المتابعة والتطوير،، حيث يتم فيها التأكد من سلامة التنفيذ من خلال عمليات الرقابة والإشراف على عمليات التنفيذ الداخلية والخارجية. (الفايز، 2018م، 185- 186).
وقد تواجه حوكمة الجامعات بعض المعوقات منها: ضعف استجابة وظائف الجامعة للمستجدات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وضعف قدرات الجامعة على تحقيق الأهداف التي وضعت من أجلها، وضعف قدرة نظم الترقي على تشجيع البحث العلمي، وانحسار التفاعل الفكري والثقافي داخل الجامعة الواحدة أو التفاعل بين الجامعات العربية أو الأجنبية؛ وضعف وجود آليات لتقييم أداء الجامعات وضمان جودة مخرجاتها،كما أن الإعلان عن القرارات التي تتخذها الجامعة قد يتم بصورة غير واضحة.
ويمكن التخفيف من هذه المعوقات من خلال العمل على إصدار المزيد من القوانين واللوائح التشريعية الملزمة للجامعات لممارسة معايير ومبادئ الحوكمة، وإلزام الإدارات داخل الجامعة والمجالس بالعمل بها؛ واستحداث قرارات تسمح بالإفصاح عن المعلومات الداخلية للجامعة لكل قائد على أن تكون الفرصة حقيقية وليست شكلية.
وتتطلب الحوكمة العناية بنظام الإشراف والرقابة الداخلية لكافة أنشطة الجامعة من خلال تشكيل لجنة للمراجعة الداخلية، وتزويدها بكوادر بشرية متخصصة، وتوفير كافة أنواع الدعم المادي والمعنوي لها، ويمكن أن تضم في عضويتها عضواً من ديوان المراقبة العامة وعضواً خبيراً في مجال المحاسبية وعضواً من مجلس الجامعة أو عضواً من مجلس أمناء الجامعة، وتتبع هذه اللجنة بمجلس أمناء الجامعة مباشرة، وتكون مهمتها تقديم تقارير دورية على مدى التزام الجامعة باللوائح والأنظمة، وكيفية إدارة إيراداتها ومصروفاتها المالية، وعن مدى كفاية وكفاءة نظام الرقابة الداخلية فيها، مما يعزِّز من تطبيق حوكمة الجامعات بشكل أكبر، ورفع كفاءة أجهزتها الإدارية.