خالد بن حمد المالك
يقول الرئيس اللبناني ميشيل عون فيما يفهم أنه ضد نزع سلاح حزب الله: إن التفكير في نزع سلاح هذا الحزب - المصنف عالميًّا حزبًا إرهابيًّا - سيتم، ولكن بعد وقف إسرائيل اعتداءاتها. ويوضح أكثر بأن الحزب سيسلم أسلحته للجيش عندما يتم حل النزاع مع إسرائيل.
* *
هذا القول يعني إما أن الرئيس عون لا يثق بالجيش اللبناني في وقف ما سماه اعتداءات إسرائيل على لبنان، واعترافًا منه بأن المؤهل والقادر على ذلك هي ميليشيا حزب الله، أو أن الرجل غير قادر على نزع سلاحه، ولم يجد غير هذا المخرج للهروب من المسؤولية في تآمر هذا الحزب على لبنان واللبنانيين.
* *
لكن - بنظرنا - إن هذا الموقف (العوني) المناصر لبقاء سلاح حزب الله خارج سيطرة الدولة بسبب أن هذا الحزب هو من يحميه ليبقى رئيسًا للبنان، وهو من سوف يهيئ صهره جبران باسيل كوريث له في رئاسة لبنان بقوة السلاح، وبتجميع أصوات حزب الله وأمل والتيار الوطني الحر، وهي ثلاثة أحزاب تدين بالولاء لإيران.
* *
هذا التصريح العوني يأتي بعد قرار المحكمة الدولية بإدانة أحد أعضاء حزب الله بمقتل الرئيس رفيق الحريري. وبدلاً من أن يرحب بالحكم، ويلتزم بتسليم المتهم، سواء بالتنسيق مع صديقه حسن نصر الله، أو بتدخُّل الجيش، إذا به يعارض نزع سلاح حزب الله، مع أن مقتل رفيق الحريري كان بتدبير مؤامرة قذرة من هذا الحزب، وقد تُظهر التحقيقات أنه ضالع أيضًا بتفجير مرفأ بيروت.
* *
وما نعرفه عن سلاح حزب الله أنه هو من قام باحتلال بيروت ذات يوم، وقَتْل عددٍ من القيادات اللبنانية، وبينها رفيق الحريري. وما زالت التهم تحوم حوله فيما حدث من تفجير مروّع لميناء بيروت، ذهب ضحيته قرابة مائتين من القتلى، وسبعة آلاف من الجرحى، ودمار شامل لكثير من الأبنية والمرافق التي تقدر تكاليف إعادتها بالمليارات.
* *
يحدث كل هذا والرئيس (المبجل) لا يزال يتحدث عن سلاح مقاومة، وعن اعتداءات إسرائيلية على لبنان، وعن الحاجة إلى إبقاء هذا السلاح لمنع إسرائيل من العدوان، وكأنه مغيّب عن الواقع، أو أن ما يتحدث به يُملَى عليه، متناسيًا مصالح بلاده، وما جره ويجره هذا الحزب العميل من ويلات على لبنان واللبنانيين.
* *
لقد بُحت أصوات الشرفاء من اللبنانيين اعتراضًا على ما وصلت إليه حال البلاد من فوضى، ووضع اقتصادي، وافتقار للأمن، بسبب حزب الله، خاصة بعد وصول ميشيل عون إلى قصر بعبدا رئيسًا للبنان؛ إذ وضع يده بيد أمين الحزب حسن نصر الله مكافأة له على اختياره للرئاسة اللبنانية، ورفض كل مطالب المواطنين المعارضة لسياسات وأجندات هذا الحزب الذي يأتمر بأمر إيران.
* *
لهذا فليس غريبًا أن يرفض الرئيس عون تشكيل لجنة دولية للتحقيق في ملابسات جريمة مرفأ بيروت منسجمًا في موقفه مع موقف حسن نصر الله ونبيه بري؛ وذلك لإبعاد أي دور لحزب الله في هذه الجريمة، دون أن يفكر بما أسفرت عنه من نتائج مهولة، مما لا يمكن أن يتستر عليها إلا مَن هو خائن، أو قد باع ضميره للشيطان.
* *
ومع أننا على يقين بأنه مثلما حدث من عبث لإخفاء معالم جريمة مقتل الحريري، فإن شيئًا كهذا قد يحدث في مرفأ بيروت لإزالة أي معالم يُستدل بها على الفاعل، وهو دون شك حزب الله وإن نفى أمينه أي علاقة لحزبه بملكية المخزن والسلاح، بما لا يمكن أن يصدقه عاقل، أو يأخذه على محمل الجد مَن يعرف سلوكيات هذا الحزب.
* *
باختصار شديد، نحن أمام حالة لبنانية غير طبيعية ليس لها ما يماثلها في أي دولة بالعالم، متمثلة في عدم رغبة الرئيس في حماية لبنان واللبنانيين، وأنه يؤثر حزب الله بسلوكياته الفاشلة عليهم، وهو ما لا يمكن فهمه أو تفسيره، إلا أنه رغبة من عون بالتشبث بالرئاسة، وأن يكون باسيل خليفته، وهو ما لا أعتقد أنه سيتحقق متى ظهرت نتائج التحقيقات العادلة والصحيحة في جريمة مرفأ بيروت، واستمر اللبنانيون بأكثريتهم يطالبون بنزع السلاح من هذا الحزب، وبإقالة عوني من رئاسة الجمهورية.