سلمان بن محمد العُمري
تُعدُّ الأسرة أو البيت في التربية من أهم أدوار المؤسسات التربوية؛ لأن البيت وُجد أصلاً ليكون محضناً للتربية، وكما يقول المختصون (البيت يستلم الطفل على فطرته فيطبعه بالسلوك الاجتماعي، ويسمه بصفات تثبت فيه مدى العمر). والأم لها دور بارز في هذه التربية لكثرة التصاقها بأولادها. وهذا أمر لا يقلل من شأن الأب، بل كل منهما مكمل للآخر. وقبل ذلك قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «كل مولود يولد على الفطرة..» الحديث. وإذا كانت السنوات الأولى للطفل تلتصق بالأم فإن سنوات المراهقة والشباب يبرز فيها دور الأب، وتأثيره من وجوه عدة، أهمها معايشته لهم، وتفاعله معهم. ولا عجب أن نجد من الأبناء في هذه المرحلة من يحاول محاكاة والده وتقليده. ولا عيب في ذلك إذا كان الوالد مستقيماً في سلوكه. وتكون المصيبة حينما يكون قدوة سيّئة لأبنائه، أو مهملاً لهم فيمتثلون في تقليدهم لأشخاص خارج الأسرة سواء سلباً أو إيجاباً. ولا أحد يشك في الدور الذي تؤديه الأسرة، وانعكاس ذلك على شخصية شباب اليوم ورجال الغد.
إن المتغيرات المتسارعة الحديثة في الحياة، ومع ثورة الاتصالات، جعلت المسؤولية مضاعفة لمواجهة التحديات والمخاطر التي تبثها وسائل التواصل الاجتماعي من ملوثات خطيرة، قد تؤدي إلى انحرافات سلوكية وفكرية، وبخاصة ما يتعلق بالجانب العقدي والأخلاقي؛ لأن ما يلحظ -مع الأسف الشديد- انسلاخ وتخلٍّ عن التعاليم الإسلامية والمنهج الشرعي الصحيح، والبُعد عن مكارم الأخلاق، والعادات والتقاليد الاجتماعية الحسنة المستمدة من ديننا الحنيف.. بل نسأل الله العافية؛ فقد سمعنا ورأينا في مواقع التواصل عن بعض الأفكار الإلحادية.
إنّ غرس قيم الإسلام ومبادئه، والاعتزاز بالإسلام أولاً وأخيراً، أمرٌ مطلوب مع الأبناء، وواجب كبير، يقع على عاتق الأسرة مع تبيان ما أمر الله به، وما نهى عنه. والجانب الآخر للسلوك الإسلامي الرشيد هو (الخلق الكريم)؛ فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق»؛ لذا يجب التركيز على هذا الأمر؛ فلا بد أن تكون تربية الأبناء قلباً وقالباً وعلماً وسلوكاً.. ولا بد أن نغرس في نفوسهم مكارم الأخلاق كالعفة، والحياء، والتواضع، والكرم، والصبر، والتعاون، والبذل، والإيثار، والحرص على دفع الأذى عن الناس لا أذيتهم.. والأسرة عنصر أساسي، لا يمكن إغفاله للوقاية من كل داء خطير يمكن أن يفتك بالمجتمع.
ولسلامة المجتمع لا بد من قيام الأسرة بدورها على أتم وجه؛ فالمجتمع أساسه الأسرة، والأسرة أساسها الأفراد، ومسؤولية التربية السليمة ومكافحة الأفكار المنحرفة ترتكز على الوالدَيْن جميعاً. وحتى لا تغرق السفينة يجب على الجميع أن يقوم بدوره خير قيام، وأن يتحملوا هذه الأمانة؛ لأنهم مسؤولون أمام الله سبحانه وتعالى. قال - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته. والرجل راع ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية ومسؤولة عن رعيتها» رواه البخاري ومسلم.