سمر المقرن
في داخل كل منا طاقتان: «إيجابية» و»سلبية».. الأولى تخرج بما تحمله من حب وعطاء وتفاؤل، تُثمر حياة عن الشعور بالأمان الداخلي، تجعلنا نستيقظ من نومنا نختلس النظر لإشراقة الشمس فنوشك أن نحتضنها، ومن بعدها القمر بعد الغروب تكاد تمنحنا عصا سحرية فلا نتوقف عن الابتسامة إلا لنضحك من القلب، فتنتشر السعادة من داخلنا إلى الآخرين من حولنا. أما إذا جئنا إلى السلبية البغيضة بما تتضمنه من بغضاء وكراهية وإحباط وتشاؤم! قد لا تكون هذه السلبية متأصلة في شخص (ما) إنما استسلم لأشخاص من حوله قد ينطبق عليهم وصف «مصاصو دماء الطاقة» كما وصفهم خبير التنمية البشرية المصري الراحل إبراهيم الفقي.
وهؤلاء نصادفهم يوميًا في حياتنا ربما في المنزل أو في العمل أو حتى في الشارع أو على شاشات التليفزيون وما أكثرهم أيضاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم أصناف كثيرة منهم: البكاؤون وهم من يخطئون في حقنا إلا أنهم يبادرون بالبكاء مرتدين مسوح الضعف والوهن لنعتذر نحن لهم! ومن زومبي الطاقة أيضا الذين يجعلوننا في حالة قلق دائم بسبب أسئلتهم المتكررة أو الغامضة وغير المفهومة وأحياناً تافهة أو فضولية تركز على (الكم) وكأنها أسئلة مزعجة في تحقيقات -إن استسلمنا لها- تنتهي بحبسنا في سجن الطاقة السلبية، وهناك من يطالبوننا دائما بالاهتمام والعطف وحل مشاكلهم على حساب صفو حياتك، وهناك صائدو الأخطاء والزلات الذين يستوطنون خلف أبوابك لمراقبة زلاتك أو حتى تأويل كلامك أو أفعالك، وهناك من يرون أن آراءهم فقط هي الصواب وما أنت إلا تلميذ خائب في مدارس عبقريتهم الزائفة، ولا ننسى المتطفلين على حياتنا كثيرو الإلحاح فأحوالهم دائما تفترس أحوالنا وراحة بالنا يحاولون إفساد يقظتنا ومنامنا ويحولون أحلامنا لكوابيس يتلصصون على بيوتنا وأعمالنا، وحتى ما نكتبه أو نقوله في مواقع التواصل الاجتماعي يحملون عليه التفسيرات المغلوطة، فإذا كتبت عن الحب فأنت عاشق ولو كتبت عن الكراهية فأنت ضحية حب، هذا عدا من ينظر إلى أن كل ما تكتب أو تقول هو عن حياتك الشخصية وكأنك في معزل عن المجتمع الذي تنطلق منه! وهناك صنف عشاق النكد الذين لا يكفون عن النواح والعويل محاولين إغراقنا معهم في محيط اليأس والاكتئاب ليصيبنا بعض ما أصابهم من هم فنكون معهم سواء كارهين أن تفيض علينا الطاقة الإيجابية برشفة من الماء فهي محرمة على أصحاب الطاقة السلبية!
ومن ثم يجب ألا نستسلم لمصاصي الطاقة الإيجابية، وأن نبتعد عنهم بعد المشرقين ما استطعنا ونقاومهم بكل قوة حتى لا نقع أسرى لهم فنخسر أبسط وأدق تفاصيل جماليات الحياة.