رمضان جريدي العنزي
حصنوا ألسنتكم من موبقات الكلام، وألجموا كلماتكم قبل أن تخرج من أفواهكم فإنها كالرصاص إن خرجت من أفواه البنادق فإنها لا تعود، واحذروا الولوغ في أعراض الناس فإنه عمل سيئ ومهلك، وسلوك شائن ومعيب، الكلمة سلاح خطير يجب التعامل معه بعناية وحذر، حتى لا تقتل أو تجرح أو تنتج ندما، إن الإنسان العاقل الحصيف يتدارك كلامه قبل أن ينطقه أو يتفوه به، ومن المأثور ما جاء في المثل العربي:رب كلام أقطع من الحسام، إن بعض الكلام يضر أكثر مما ينفع، ويؤذي أكثر مما يفيد، ويزيد الهم والغم، ويؤدي للحزن، وعليه يجب وزن الكلام قبل نطقه بميزان العقل والحكمة، إن للكلام فضائله إذا جاء متناسباً مع المقام، وكان هادفاً ومفيداً، لكنه عكس ذلك إذا كان مجرد لغو وطعن وثرثرة، لهذا اجعلوا كلامكم كلوحة مزدانة، وكحديقة غناء، وكروض وساقية، اجعلوه شعراً جميلاً ينساب بهدوء في الروح والقلب، اجعلوه قيثارة ينبعث منها لحن هادئ وأخاذ، اجعلوه بلسماً شافياً يداوي الجروح والعلل، اجعلوه منافذ للبوح الجميل، اجعلوه كشجرة يغازل أوراقها الهواء العليل، اجعلوه نرجسا وياسميناً، اجعلوه جواز سفر للقلوب والآذان، اجعلوه ثمراً يؤتي أكله، اجعلوه أواصر محبة، وعرى إنسانية، إن الكلمة الطيبة تقرب البعيد، وتيسر الصعيب، وتفتح نوافذ وأبواباً، وتوصل لغايات لم يكن الوصول إليها إلا بشق الأنفس، عكس الكلمة السيئة الرديئة، توجع القلب، وتصم الآذان، وتشعل النيران، وتوغر الصدور، تفرق الأحبة، وتجلب الكره والبغض، تكدر الصفو، وتنشئ المهاترات الجالبة للعداوة، تثير الضغائن والأحقاد، وتذهب بالألفة والسلام، إن الكلام الحسن الجميل من سمات المجتمعات الحضارية الراقية، ومن عوامل النجاح والتقدم والازدهار، إن الحجارة تكسر العظام، وكذا الكلمة الرديئة تكسر الروح وتثير الغضب، الكلمة الطيبة أثرها عميق ودائم، عكس الكلمة الرديئة أثرها كأثر الشوك والحنظل، إن الكلمة الطيبة إذا خرجت من قلب صاف أضاءت المكان وغيرت الحياة وفعلت فعلها النبيل، لذا حافظوا على كلامكم وزنوه بالميزان الدقيق، دققوا وتبينوا وتخيروا قبل أن تتلفظوا، فإن كل الكلام يحصى، ويكتب في الصحائف، إن كان خيراً فهو لصاحبه خير، وإن كان شراً فهو على صاحبه مقت وشر.