حماد الثقفي
لكل كيان أو شركة مهما كان نشاطها - كبُر حجمُها أو صَغُر - نجومها المُنتجون فيها لتحقيق رؤيتهم النابضة بالحياة وصولاً لنتائج أفضل، رغم وجود موظفين آخرين يُلحقون الضرر بهذا الكيان من خلال أدائهم المُتواضع، وهو ما أثبتته دراسة أُجريت حديثة أن 10 % من إنتاجية الشركة تُعزى إلى أفضل 1% من العاملين فيها.
فعمليات المُراجعة السنوية لأداء الموظفين قد تكون مُدمرة للغاية، ليس لقيم المؤسسة ولمبادئ القائمين عليها فحسب، بل للقدرة على جذب المواهب الجديدة، مع الاحتفاظ بما لديها، لمواكبة سُرعة التغييرات التي قد تؤثر عليها، لأن نجاح الشركة أو فشلها يعتمد غالبا على مدى كفاءة موظفيها، لذا نجد المسؤولين ورؤساء مجالس الإدارات والمديرين، يواجهون مهمة عسيرة في تحديد من هم الموظفون الأكفاء وتمييزهم عن أولئك الذين لا يُبلون بلاءً حسنًا، داخل نموذج تقييم الأداء الوظيفي للمنظمة والتي تختلف من رئيس مباشر إلى آخر، وفق خبرة الرئيس وسلوكه الشخصي وثقافته العلمية والمحسوبيات ومن يهتم بهم، وما إلى ذلك من الأمور السلبية التي تُخيفنا وتهدم خبرتك ونشاطك وكفاءتك، -إلا من رحم ربي- وهم قلة، علماً أن أغلب التقييمات ليست موضوعية للآن، وتكون حسب تقديرك من الرئيس المباشر، بل وحسب منافستك العلمية والعملية والإبداعية، -ويا حبذا إذا كان مزاجياً-، مُعتقداً أنها في نظره مُناسبة و(أنت وحظك).
إنها حقيقة عشنا داخلها بكل صدق، فأغلب موظفينا لا يستطيعون الشكوى ضد رئيسهم، إما خوفاً أو حرصاً أو... مما يُهدد ويُحبط الحماس والمشاعر، وقد يخرج منها موقف دفاعي تلقائي حتى من جانب العاملين الأكفاء، وهو ما يحولها من اجتماعات يُفترض أن تكون مُنتجة ومُثمرة إلى جلسات تسودها أجواء عدائية، والعكس صحيح، فقد أدركت جهات عدة أهمية إسعاد الموظفين وتعزيز مُشاركتهم لزيادة إنتاجيتهم وجعلهم سفراء حقيقيين لها؛ يُلبي احتياجاتها وتطلعاتها.
إذاً، إدارة القوة الناعمة - إن صح التعبير- هي القلب النابض للإنتاجية، والعقل المدبر لإنشاء صورة إيجابية تُقلل الفجوة بين الرئيس والمرؤوسين، ويعزز الشفافية والإفصاح عن أداء المؤسسة وأنشطتها المستقبلية لإقناع الرأي العام.. فهل يتعامل المسؤولون معهم كآدميين، أم كموظفين فحسب؟!، وهل اقتربت منهم كأخ يبث الطمأنينة في نفوسهم؟، وكيف تعاملت مع مخاوفهم؟ أم تجاهلت كل ذلك؟. فكن من ذوات الهمم، يُحبك الجميع ويدعو لك لا عليك، فبركة الأمر فيما تعطي بحكمتك وأخلاقك لا ما تعطي بجهلك ونفاقك، فالجميع يعرف من أنت، وأنت تعرف من نحن، ولا تستصغر من يعمل أمامك، فأعط كل ذي حقٍ حقه.