هناك أشخاص لا قدرة لهم على تركيز تفكيرهم، فهم يشرعون في تعلم هذا الشيء، ثم ذاك، ثم شيئاً ثالثاً، ولكنهم لا يتمون تعلم شيء من كل هذا أبداً رغم شدة رغبتهم في العلم، لعجزهم عن استيعاب المعلومات اللازمة، وبذلك يستقر في أذهانهم أنهم محرومون من الاستعداد العقلي الذي يتمتع به الآخرون.
على أنه كثيراً ما يكون سبب فشل هؤلاء كونهم يتمتعون بقدرة عقلية أو استعداد ذهني أكبر مما يحتاجونه للنجاح.. فيكون مثل أحدهم كمثل سيارة قوية أدار سائقها محركاتها، وفراملها المحكمة مقفلة، فيستنفد كمية من الوقود عظيمة دون أن يتقدم في طريقه خطوة واحدة.
وقد جاءني يوماً أحد الطلاب شاكياً نقص قدرته على تركيز ذهنه، فهو يقضي الساعات تلو الساعات في الدرس، ولكنه لا يستطيع حصر ذهنه في الموضوع الذي يستذكره، أو يبحثه، وأثبت التحليل أنه أكره على اختيار تلك الدراسة من أبيه، ثم ثار عقله الباطن على ذلك الوضع التحكمي وقام بعمل الفرامل لتعطيل المضي في ذلك السبيل. فأصبح مقيد النشاط، مهما يبذل من الجهد العقلي، بسبب تلك المقاومة السلبية السرية التي لجأ إليها من حيث لا يشعر لعدم شجاعته في مصارحة نفسه ومصارحة أبيه.
فإذا كان العجز عن التركيز أو حصر الذهن هو السبب في فشلك شخصياً، فإني أنصحك بأن تواجه ما في نفسك من انقسام وما في سريرتك من معارضة مكتومة مواجهة صريحة، ثم تعمل على حل ذلك بعقل وتدبر، وثق بأن عقلك لا يقل في قدرته عن أي عقل، وبأن استعدادك على أحسن ما يكون، وإنما عليك أن تواجه الواقع، ولا تتردد في إجراء التعديلات اللازمة ولو أدى ذلك إلى إغضاب من تريد إرضاءهم. ولسوف تشعر بعدئذ بسعادة كبيرة تشيع في نفسك وفي حياتك، وتجد لديك قدرة على تركيز ذهنك.
جاء في كتاب (كيف تكسب الثروة والنجاح): هناك نوع ثان من الفشل يرجع إلى شعور صاحبه بأن هناك من يراقبه ليضع عمله وكفاءته في الميزان. فإذا كان ذلك حالك، فيجب أن تبحث عن الأسباب التي تشل جهودك. فقد تكون إنساناً ضميره غاية الحساسية، شديدة العناية والاهتمام واللهفة كي تبذل خير ما في استطاعتك في عملك، وتخشى أن تقصر عن الغاية العظمى من النجاح في نظر ممتحنيك، فتضطرب وتتعثر. ولهذا عليك أن تتعقب آثار تلك الرقابة إلى عهد طفولتك، وحاول أن تعرف من الذي كان يترصد هفواتك كي ينحي عليك باللوم والتعنيف في غير عطف أو رفق، ومن الذي كان يتهددك عن أدنى تقصير ويتوعدك بالعقاب والتشهير، ويتركك نهباً للخوف والمذلة والقهر.