مع إطلالة كل عام هجري جديد تهل علينا ذكرى الهجرة النبوية الشريفة، حيث هاجر رسول هذه الأمة الوسط -صلى الله عليه وسلم- إلى يثرب -المدينة المنورة-، وفي نيته أن يبحث للدعوة والرسالة عن منطلقات جديدة، وفهوم تقتنع بأن الدين لله ولا ينبغي أن يعبد أحد سوى الله على وجه الأرض، فكل ما عليها عبد لله جلَّ وعلا.
ورسول الله قبل أن يؤذن له بالهجرة ظل يدعو المجتمع المكي ثلاثة عشر عاماً، وصبر على ما لقي في سبيل الرسالة ممن ناصبوا الدعوة العداء لحاجة في نفوسهم.
وفي طيبة الطيبة، تنفست الدعوة هواء الحرية، والتف الناس حول الرسول عن رغبة صادقة، ودخلوا تباعاً في» دين الله أفواجاً»، وتوجّهت البعوث إلى شرق وغرب، وشمال وجنوب داخل الجزيرة العربية، وكتبت الكتب والرسائل إلى المقوقس وكسرى وقيصر والنجاشي وغيرهم، وتلك البعوث وتلك الرسائل تحمل الدعوة وتدعو للإيمان بها بعيداً عن الضغوط والإكراه، ذلك أنه «لا إكراه في الدين».
وشهدت المدينة المنورة معارك الإسلام، وتدافع المسلمون لملاقاة أعدائهم غير مبالين بأموالهم وأنفسهم، فهي رخيصة في جانب العقيدة.
وأسفرت المعارك الإسلامية الحاسمة عن انتصارات عظيمة «وزهق الباطل»، وانتشر الإسلام هنا وهناك؛ لإخلاص النيات، وصدق المجاهدين الأوائل، ولم يكن هذا الانتشار للإسلام بحد السيف كما يحاول أعداؤنا أن يقولوا؛ ليسود الاعتقاد لدى ضعاف النفوس، أنه لولا السيف لما انتصر المسلمون في معاركهم التي خاضوها إعلاء لكلمة الله.
والهجرة حدث وحديث، حدث لا يتكرر في الزمان، ولكن تبقى معانيه ومقاصده وأهدافه، وحديث يتكرر كلّما أطلت الذكرى، واستقبل المسلمون عاماً هجرياً جديداً.
كل عام والأمة الإسلامية بخير، ووطننا في عز ومنعة، وأهلاً أيها العام الهجري 1442هـ.
قال الشاعر عبدالرحمن السالمي:
يا ربّ مرّ العام تلو العام
والكون أصبح راغباً بسلام
فاجعل بداية عامنا مملوءة
ببشائر التحقيق للأحلام
واجمع على الحق القويم قلوبنا
وأنِرْ بنور الدين كل ظلام