رمضان جريدي العنزي
إن من أنبل وأسمى سمات الحياة والحيوية في الإنسان تقديره العالي لليتيم، إن كلمة عطف ومودة لليتيم كفيلة بأن تغمره بالنشوة والانشراح والبهجة والحبور والتوثب، إن الحفاظ على اليتيم واحترامه وتقديره والحنو عليه له منزلة في الشرع عالية، إن من فضل الله على عبده أن يحبب إليه رعاية اليتيم وتفقد أحواله، وأن يجعله ساعياً عليه قائماً بحاجاته، إن اليتم على الشخص قدر من الله وابتلاء واختبار، وليظهر بها حقيقة أخلاق الناس ورحمتهم ببعضهم، وليميز بينهم البين، إن ديننا الحنيف جعل لليتيم معاملة خاصة، فقد أمرنا الله -جل في علاه- بإكرام اليتيم والإحسان إليه ومعاملته معاملة حسنة ورقيقة، وعدم التعرض له، أو أكل حقه، أو رفض طلبه، لأن اليتم أمره عظيم، وخطبه جلل، كون اليتيم فقد الدفء والحنو والألفة والحنان، لهذا قال الله تعالى: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) أسلوب نهي واضح صريح وجلي لا يقبل التأويل ولا يحتمله، إن الأمر لم يتوقف عند هذه الحال، بل خاطب الله جل جلاله نبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم أن أراد أن يرى من يكذب بيوم الدين فلينظر إلى من يدع اليتيم، {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ}، إن أكثر الناس بحاجة للإعانة والمساعدة هم اليتامى، قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}، إن جبر خاطر اليتيم من الأمور التي حث عليها ديننا الإسلامي الحنيف، ودعا لها، ورغب فيها، وأجزل لها المثوبة، وأحسن فيها العاقبة، فمن أراد إرضاء الله وكسب رحمته وعفوه ومغفرته، فليعمل لليتيم ومن أجله عطفاً وخدمة ومساعدة وتقديراً، إن قساة القلوب إذا أرادوا أن تلين قلبوهم، عليهم التقرب إلى اليتم ومصاحبته لقول النبي الأعز الأكرم صلى الله عليه وسلم (إذا أردت تليين قلبك فأطعم المسكين، وامسح رأس اليتيم)، ومن أراد أن يجاور النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، فعليه أن يحسن معاملة اليتيم حيث قال عليه الصلاة والسلام (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى)، إن اليتيم بحاجة إلى اللطف والتواضع وحسن المعاملة، فحالته النفسية لا تحتمل الأوجاع والأوصاب والآلام، وتئن من الناس المتكبرين المتطرسين المتعاليين الفوقيين، الذين لا يقدرونه ولا يرعونه حق رعايته، إن على الناس ألا يكيدوا لليتيم كيداً، حتى لا ينحرف ويتحول إلى فرد غير سوي، يضيع ويمارس الأعمال المشينة ويفقد مستقبله، فيا أيها الناس: مدوا أيديكم لليتامى، واكسوا أرواحهم بالعطف واللين، تقربوا إليهم ولا تهجروهم، ولا تنفروا منهم، وآخوا بينهم وبين أطفالكم، وحاولوا جاهدين خلق أجواء ملائهم لهم، واحذروا أن تغفلوا فجأة النقمة، ويصبح أولادكم بعدكم كحال اليتيم، فتصوروا ذلك السيناريو المخيف، وكيف يكون الشعور.
** **
ramadanalanezi@hotmail.com
@ramadanjready