خالد بن حمد المالك
سبق الرئيس اللبناني ميشيل عون زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبنان بالقول: لن استقيل، ولا أفكر بالاستقالة، وفي مقابل ذلك، وبعد تلكؤ وإبطاء أعلن عن البدء في المشاورات لتحديد اسم رئيس الوزراء القادم متزامناً مع بدء زيارة الرئيس الفرنسي.
* *
يحدث هذا، وأغلبية اللبنانيين يرون أن أسوأ فترة حكم في لبنان هي فترة الرئيس عون، الذي ارتهن لحسن نصر الله ونبيه بري وجبران باسيل في كل قراراته، وأصبح أمامهم ضعيفاً وغير قادر على استيعاب ما يجري في لبنان، وكأنه مغيَّب بفعل ارتمائه في أحضان حزب الله وأمل والوطني الحر.
* *
لاحظوا أن اللبنانيين يطالبون بسحب السلاح من ميليشيا حزب الله، وأن يكون الجيش اللبناني هو وحده من يمتلك السلاح، غير أن هذا الرئيس (النائم) لا يرى ذلك، ويشترط انتهاء العداء مع إسرائيل، والتخلص من عدوانها على لبنان، وكأن ميليشيا حزب الله لا عناصر الجيش هي من يستطيع الدفاع عن لبنان، بينما -كما هو ثابت لدى اللبنانيين- هي من يعرض أمن وسلامة لبنان للخطر، وهي من توظف سلاحها لإرهاب كل صوت لبناني حر.
* *
يتلكأ عون مدعوماً من أمل وحزب الله في حسم موضوع تحديد هوية المجرمين الذين فجَّروا مرفأ بيروت، ولا يقبل بلجنة دولية تحدد الفاعلين، وحتى اللجنة اللبنانية التي أوكل لها التحقيق في هذه الجريمة غير المسبوقة في دولة منهارة أعلن رئيسها عن نيته الاستقالة، وإن لم يحدد السبب، ويبدو أن ذلك ناشئ من التدخلات لإخفاء أسماء الجهات المشبوهة التي تقف وراء التفجير، والأصابع تشير بالاتهام إلى حزب الله وأمينه العام.
* *
لقد سارع أمين حزب الله أمس بالإعلان - مجدداً - بأن لا علاقة له بهذا الانفجار المروَّع، وله أن يقول هذا، وله أن يتنصَّل منه، طالما أن الرئيس اللبناني يرفض نزع سلاح الحزب، ولا يضعه ضمن المحتملين ممن كانوا سبباً في الانفجار، فحمايته والقبول بتعريضه أمن وسلامة لبنان للخطر، ثم التبرير لبقاء السلاح تحت سيطرته، وكأنه دولة داخل الدولة، هو ما يطمئن نصر الله في اختلاق مثل هذا الكلام الرخيص، وارتكاب مثل هذه المجازر، دون خوف أو وجل.
* *
الرئيس الفرنسي يتجنب هو الآخر الإشارة إلى سلاح حزب الله، أو القول بأن السلاح يجب أن يكون حصراً على الجيش، ما فُسِّر هذا الموقف بأنه يعقد مشاكل لبنان، حتى وإن أبدى الرئيس ماكرون تعاطفه مع هذه المستعمرة الفرنسية السابقة، لأن مساعدة لبنان في كبوته غير ممكنة ما بقي حزب الله يمتلك السلاح الذي يرهب به المواطنين.
* *
الأكثر شجاعة، والأكثر واقعية، من الرئيس الفرنسي ما صرَّح به البطريرك الراعي الماروني من أن السلاح يجب أن يكون تحت سلطة الجيش، وأن قرار الحرب تقرره الحكومة لا الميليشيات، وهو ما لا يجرؤ الرئيس اللبناني أن يصرح به أو يتبناه، ومثله بعض اللبنانيين من وزراء ونواب، الذين إن كان لهم من عذر فهو انتماؤهم وولاؤهم لأجندة حزب الله، وهو موقف مفهوم، وإن كان على حساب مصالح لبنان وحق الأكثرية من اللبنانيين.