ياسر صالح البهيجان
مبادرات متعدِّدة تُطلقها الجهات المعنيّة بتطوير المدن ومؤسسات القطاع البلدي بهدف زيادة المساحات الخضراء في مدننا، بُغية التمشّي مع مستهدفات رؤية المملكة وبرامجها المرتبطة بتحسين المشهد الحضري والارتقاء بجودة الحياة. تحركات إيجابيّة نحو هدف نبيل، إلا أنها في الآن ذاته تتطلب حضور إستراتيجية وطنيّة موحَّدة تضبط منظومة التشجير، وتكفل تحقيق التكامل بين مختلف الجهات وفق إطار هيكليّ يحدد المسؤوليّات ويضع الاشتراطات الملائمة انطلاقًا من طبيعة كل مدينة وما ينسجم مع ظروفها المتمايزة عن غيرها من المدن.
ثمة ثلاث مراحل رئيسة من شأنها بلورة إستراتيجيّة التشجير في مدننا، وهي التخطيط والتشريع والتنفيذ، إذ بالإمكان إسناد مهمة التخطيط لهيئات تطوير المدن من منطلق مسؤوليتها عن وضع المخططات الإستراتيجية لكل مدينة، واشتغالها في جانب تحديد استعمالات الأراضي ونطاقات حدود التنمية، بينما تتولى وزارة الزراعة الشق التشريعي لمعرفتها الدقيقة بنوعيّات الأشجار والتربة والتسميد والمكافحة الحشريّة وترشيد استهلاك المياه، فيما تعمل أمانات المناطق على تفعيل الجانب التنفيذي للإستراتيجية، لما لها من خبرة عريضة في مجال إنشاء الحدائق والمتنزهات وتشجير الطرق والساحات والميادين وتطوير المشاتل وتنفيذ أعمال التشغيل والصيانة.
التزام كل جهة بمسؤولياتها المحدَّدة سيحقق مكاسب متعدِّدة، منها الحد من الهدر المالي، وتوظيف مكامن القوّة لدى كل طرف بما يتناسب مع إمكانات كوادره البشريّة، وتحقيق مبدأ التشجير الممنهج المتوافق مع احتياجات كل مدينة، وتوزيع الجهد المبذول بين الجهات كافّة بما يضمن الوصول إلى الهدف المنشود في أقصر وقت ممكن.
وما دمنا نتحدث عن التشجير الممنهج، فإن إشراك القطاع الخاص والمؤسسات غير الربحية والسكّان ضرورة حتميّة لتعزيز مسؤوليّة الجميع عن تطوير المدن، وهي الأخرى عليها أن تسير وفق الإستراتيجيّة الموحَّدة انطلاقًا من مخطط هيئات التطوير وتشريع وزارة الزراعة وبتنسيق مع أمانات المناطق؛ لتسبح الجهود في فلك واحد، وتتكئ على مرجعيّة ثابتة تعصم مدننا من الاجتهادات التي قد يجانبها الصواب، وتقينا من الدخول في فوضى التشجير وما سيتبعها من سلبيّات تضر ببيئة المدن وجمالها.
أخيرًا، رؤيتنا طموحة وتهدف إلى إحداث نقلة نوعيّة في جودة حياة مدننا، وأجزم بأننا جميعًا متحمسون لتحقيقها، لذلك علينا أن نؤمن بمبدأ الشراكة والتكامل وتقاسم المسؤوليّات ما دامت الغاية واحدة.. وطن طموح، اقتصاد مزدهر، ومجتمع حيوي.