وَقَفَ قلمي أقصدُ سَبابتي صامتة أمام شاشة الأرقام وأنا أُفَكّرُ أن أختلف مع الآخر، أترك بيني وبين نفسي مجالاً إما للعِراك أو الاتفاق!
في البداية كان الوضعُ هادئًا، بعد فترة وجيزة بدأ الصراخ يتصاعد، الكلماتُ تخرج بيننا مثل كرة ملتهبة من قعر جحيم الشتائم؛ بصراحة أخجل أن أكتبها هنا!
القضية التي طرحتها عليّ هي: هل صوتي جميل، وشكلي؟
في حدّة النقاش، ابتدرني بأني لا أصلح لثنتين،
هنا غضبت وزمجرت ملجمًا إيّاه بأني وسيمٌ وصوتي، فيما أنا ونفسي نتجاذب أطراف الحديث أسْمعته - وليتني لم أفعل-:
ليتني أعزفُ لحن الأمنيات
غارقٌ أنا في أحلامي الموتى
شاردُ الذهنِ مشتتُ الرؤى
أُراقصُ كل الأغنيات
ليتني بطل في كل الحكايا
أشربُ حزني بكأس حنظلٍ
وأستجرُّ في تلك الزوايا
نحيب صوتي، غطرسة خوفي
آهة فكري، سراب الآماني
طريقي المجهول، في قبر الشتات
استلقى على ظهرهِ ضاحكا وقال:
الصوت يشبه سيارة صدأة مكانها مقبرة السيارات وشكلك ككلماتك هذه: موتى، حنطل، شتات...
الحقيقة اشتدّتْ الحرب، حمى الوطيس وكأنها بعثت من جديد بين كليب وجسّاس في موقعة البسوس!
لم يفلّ ذلك سوى سقوط شَعْرة بيضاء من شاربي مهرولة إلى الشاشة، تبعها هاتفي. انتهى
متى نعي أن نذهب مباشرة إلى النص المكتوب ونضرب ما قبله من أسماء عرض الحائط، نقرأ أولاً وعاشرًا المتن ونقذف بالهامش، نعي أن نختلف لا نخالف، نرسّخ ثقافة الاختلاف فينا أولاً ثم في مَنْ حولنا، أن نختلف لظاهرة صحيّة؟
وكما قيل لولا اختلاف الأذواق لبارت السِلْعة!
أن نختلف فهذا أمر لصالح النص لا للاسم بالضرورة.
البداية من وجهة نظري تبدأ من البيت، الأسرة، المجتمع وهكذا أن نسمع اختلاف أبنائنا على بعض قراراتنا بكل احترام وتقدير.
نبدأ في مدارسنا، نسمع من الطلاب/ ات نظرتهم الأخرى، فيما نقوله أو نكتبه، أو يلاحظونه علينا!
القصة التي تخيّلتها افتراضًا بين نفسي «مونولوج» وهذا ما قصدت بالضبط، أن نتصالح مع ذواتنا، نحب أنفسنا، بعد ذلك ننثر وردَ ثقافة الاختلاف فيما حولنا، نزرع الحبَّ، لنحصد ثمار أفراحنا.
أخيرًا..
نفترض لأحد ما قال أو كتب لك:
أنت لست كاتبا، شاعرًا، مثقفًا!
قل له بهدوء واطبع على محياك ابتسامة:
هل قرأت كلماتي؟
إذا قال لك: نعم وأشار إليك بالهنّات فقبّل حَرْفَه
أما إن كتب: لا! طبعًا
فعلى الفور قل له:
شكرًا لرأيك، وأرسل له ما كتبت مرات ومرات عسى في يوم من حظّ كلماتك أن تغازل ناظريه أو أذنيه وكما قال بشار بن برد:
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة
والأذن تعشق قبل العين أحيانا
** **
- علي الزهراني (السعلي)