مهدي العبار العنزي
منذ حرب أكتوبر عام 1973 للميلاد والعرب يحاولون أن يفعلوا شيئًا لقضيتهم الأولى (فلسطين) ولكن محاولاتهم اصطدمت بقوة عظمى حالت دون تحقيق أحلامهم وأهدافهم من أجل هذه القضية وهذا ليس سرا.
ثم جاء دور من يرفعون الشعارات وكأنهم منتصرون، ورغم شعاراتهم وأعلامهم إلا أنهم لم يفعلوا شيئا على الإطلاق، هؤلاء لم يدركوا بأن السلام والمصالحة أفضل كثيرا من الحروب التي تجر الدمار والخراب وسفك الدماء وهدر الأموال وزعزعة الأمن والاستقرار لو سألت أي إنسان عن أيهما أفضل الحرب أم السلام لقال لك على الفور السلام لأن في الصلح حقن الدماء واستقرار الدول وأهمية ذلك بأن الأمن والاستقرار ورفاهية الشعوب لن تأتي مع الحروب والنزاعات بل تأتي من خلال الصلح والسلام.
الصلح لا يعني الذل والهوان والخوف بل هو خير وفوائده لا تحصر بما فيه توفير الأموال والأوقات التي تستهلكها الحروب، وصلح الحديبية شاهد على أن المسلمين مع الصلح، حيث استقر أمرهم وأوضاعهم وحافظوا على حياتهم، وإذا عرفنا بأن الصلح يعني السلام الذي يحمي الدول من التفكك والتفرق والاختلاف ويحقن الدماء ويحافظ على الأعراض والأموال وأن السلام يحافظ على المجتمع والأسر من الخوف والرعب والتضحيات التي نهايتها شر وقتل، فإن من أهم مقومات السلام أنه يحمل فوائد عظيمة للأمة ويجعلها متماسكة متحابة غير متنازعة. عن أبي أيوب قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا أيوب ألا أدلك على صدقة يحبها الله ورسوله تصلح بين الناس، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المصلح يرعاه الله ويصلح أمره وينال الدرجات العالية عند الله ومكانة لا تنسى في قلوب الناس، وكلنا نتذكر عندما بادر الرئيس المصري أنور السادات يرحمه الله إلى الصلح مع إسرائيل واستعادت مصر أراضيها المحتلة كاملة غير منقوصة على عكس الجانب السوري الذي لم يقدم على هذه الخطوة وبقيت الجولان محتلة إلى الآن حينها بادر كثير من العرب بقطع العلاقات مع مصر وكانوا يعتقدون بأنه في ذلك انتصار لقضيتهم واستمرت هذه الحالة لعدة سنوات ثم عاد العرب إلى مصر من جديد وأدركوا بأن السلام مطلب ضروري وحتمي لأنه يعني إعادة الحقوق إلى أصحابها بعيدًا عن أهداف من يرفعون الشعارات ويسمون أنفسهم بالمقاومة ومع هذا لم يتمكنوا من إعادة ولا شبر واحد من أراضي فلسطين، ولم يدركوا أن المقاومة تعني أن تقاوم العدو بكل ما أوتيت من قوة وليس بالكلام فقط، وهذا لم يحدث أبدا والأدهى من ذلك فإن كثيرا من هذه الأطراف لديهم علاقات سرية وغير معلنة مع إسرائيل ومع شخصيات إسرائيلية مؤثرة هؤلاء ينطبق عليهم المثل (اللعب على الحبلين)، ويجب أن يفهم من يدعون أنهم مقاومة بأن الإسلام حث على السلام وأنه خيار مهم ليس ذلا ولا خضوعا ولا استسلام ولكنه ضرورة ملحة من أجل أن تعيش الأجيال عيشة كريمة بعيدًا عن الاقتتال والدمار والحروب والفتن.