حدث منذ خمس سنوات فقط أن ابتعدت أستراليا بدرجة كبيرة عن حليفتها الطبيعية الولايات المتحدة لترتبط مع الصين المنافسة من خلال قرارها بالانضمام إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (AIIB)، أحد أهم مبادرات السياسة الخارجية لبكين. وعلى الرغم من أن أستراليا حصلت في المقابل على «اتفاقية التجارة الحرة»، إلا أن كانبيرا نادمة حاليًا على إقحام نفسها في رحلة الصين الاستراتيجية. تراجعت العلاقات الثنائية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق بفضل تكتيكات الإكراه الاقتصادي والعسكري التي يستخدمها شي جين بينغ-مما دفع الحكومة الصينية إلى معاقبة أستراليا لمطالبتها بإجراء تحقيق مستقل في أصول فيروس كورونا.
وفي هذه الآونة ونظرًا لقلق أستراليا بشأن هجوم مسلح محتمل من بكين فقد قررت ضخ 190 مليار دولار أمريكي إضافية في إنفاقها الدفاعي لتعزيز إمكاناتها الدفاعية البحرية وكذلك تعزيز القدرات السيبرانية الهجومية. أشادت أستراليا بالدعم العالمي لإجراء تحقيق مستقل في أصل فيروس كورونا، والذي تم تسجيله لأول مرة في الصين. وبعد ذلك، أخذت بكين سلسلة من الإجراءات القسرية بالإضافة إلى شن هجمات إلكترونية تستهدف الشركات والمستشفيات والمدارس والمسؤولين الحكوميين في أستراليا.
وستنفق الحكومة الأسترالية حوالي مليار دولار أمريكي هذا العام، مستشهدة بالحالات المتزايدة للهجمات الإلكترونية من قبل المتسللين الصينيين على البنية التحتية الحيوية، وتكون الزيادة على هذا المبلغ بنسبة 10 في المائة على أساس سنوي. هذا وقد أضافت الصين رسوم مكافحة الإعانات المالية بنسبة 80 في المائة على الشعير الأسترالي ومنعت استيراد لحوم البقر من أربعة مصدرين أستراليين رئيسيين حتى عندما بدأت الدعاية للعنصرية لجعل كانبيرا تسقط. وأدى كل هذا إلى مشادات كلامية بين المسؤولين الصينيين والأستراليين حتى الآن. ومع ذلك، فإن كانبيرا ليست راغبة في البقاء بمنأى عن غيرها خاصة في ظل الغارات الصينية في منطقة لاداخ الهندية، حيث خلقت المواجهة الحدودية في أعلى جبال الهيمالايا حالة تشبه الحرب.
أجرى معهد لوي، وهو مركز أبحاث مشهور عالميًا، سلسلة من الاستطلاعات لمعرفة رأي الأستراليين بشأن الصينيين ونواياهم. كما طرح معهد لوي أسئلة على مجموعة من الأشخاص في أستراليا في عام 2019 عن العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع الصين. وأوضح الكثيرون اعتراضهم حول مبادرة الحزام والطريق الرائدة في الصين وعسكرة بحر الصين الجنوبي. وطالب حوالي 77 بالمائة منهم الحكومة الأسترالية ببذل المزيد من الجهد من أجل مقاومة الأنشطة العسكرية الصينية حتى لو كانت تؤثر على العلاقات الاقتصادية.
وتشير خطة الدفاع البالغة 190 مليار دولار أمريكي إلى أن أستراليا أصبحت جادة بشأن النزاع المسلح المحتمل في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وتستعد أستراليا لشراء صواريخ بعيدة المدى بما في ذلك صاروخ AGM-158C المضاد للسفن المصنوع في الولايات المتحدة، والذي يصل مداه إلى 370 كم لتعزيز قدرتها في الضربات البحرية.
وقال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، «إن معدل مخاطر اتخاذ الخطوات غير المحسوبة لم يسبق له مثيل.» ووصف موريسون الولايات المتحدة بأنها أهم شريك أمني لأستراليا منذ الحرب العالمية الثانية فضلاً عن كونها «أساس سياستنا الدفاعية».
وقد عقد وزراء دفاع الولايات المتحدة واليابان وأستراليا في أوائل شهر يوليو من هذا العام اجتماعًا ثلاثيًا لتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وفي رسالة واضحة إلى الصين، حذر هؤلاء الوزراء في بيان مشترك من استخدام القوة أو الإكراه في بحر الصين الجنوبي، كما أعربوا عن معارضتهم لأي إجراءات أحادية مزعزعة للاستقرار أو قسرية يمكن أن تغير الوضع الراهن وتزيد من التوترات في بحر الصين الشرقي. ويلوح في الأفق تحالف قوي واضح حيث من المرجح أن تضم الهند أستراليا في تدريبات مالابار مع اليابان والولايات المتحدة.