الانفجار الذي هزَّ بيروت في 4 أغسطس، أدى إلى مقتل ما يقرب من 200 وإصابة 6500، وترك 300 ألف شخص بحاجة إلى الغذاء و170 ألفًا بحاجة إلى مأوى. لقد دمَّر هذا الانفجار الهائل دولة كانت تكافح اقتصاديًا بالفعل. كان لبنان في حالة عجز مالي، مع انخفاض بنسبة 80 % في قيمة عملتها وأسعار المواد الغذائية التي ارتفعت بنسبة 55 %. لديها أعلى نصيب للفرد من اللاجئين في العالم، حيث يشكلون ما يقرب من 20 في المائة من سكانها. والآن انهارت حكومتها للمرة الثانية خلال عام، حيث تستمر البلاد في الشعور بآلام جائحة كورونا. يبدو أن شعب لبنان قد نفد صبره، معربًا عن يأس لم يسبق له مثيل في بلد كان يُعتبر ذات يوم «سويسرا الشرق الأوسط» بعد أن خرج ملايين المواطنين إلى الشوارع في مظاهرات منذ ما يقرب من عام، احتجاجًا على الفساد الحكومي وعدم الكفاءة. في أسوأ الأوقات، مثل تلك التي يمر بها لبنان، يمكن للقيم الأمريكية أن تتألق أكثر - وقد تكون هذه اللحظة المناسبة للولايات المتحدة.
على مدار العام الماضي، وفي نهج قوي لمبدأ الجزرة والعصا، أبدت الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون والعديد من دول الخليج اهتمامهم بتقديم مساعدات بمليارات الدولارات لاستقرار لبنان وإعادة بنائه - ولكن فقط في حالة قيام الدولة بتأسيس حكومة شفافة على استعداد لإجراء إصلاحات جذرية.
لقد فرضت الولايات المتحدة مؤخرا عقوبات على وزيرين برلمانيين سابقين لتقديمهما الدعم لحزب الله، وأظهر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرًا عزمه من خلال التهديد بفرض عقوبات على الفاسدين اللبنانيين وأي شخص يؤيد أنشطة إرهابية. يمكن للولايات المتحدة أن تفعل المزيد للمساعدة وعليها تكثيف المساعدة المقدمة للمنظمات التي تدافع عن حق المواطنين اللبنانيين في التجمع بحرية والتعبير عن مطالبهم بإجراء إصلاحات قضائية وحكومية.
لقد شكلت الولايات المتحدة شراكة قوية ومفيدة مع القوات المسلحة اللبنانية، والتي وصفها الجيش الأمريكي بأنها من أفضل القوات المقاتلة تدريباً في العالم العربي. هذا الدعم، ونهج العصا والجزرة للمجتمع الدولي، مفيدان على المدى الطويل.
في أعقاب الانفجار، قدمت الولايات المتحدة 18 مليون دولار من الدعم الإنساني، ووعدت بتقديم 30 مليون دولار كمساعدات من خلال برنامج الغذاء العالمي. ومع ذلك، بالنسبة لكارثة بهذا الحجم، فإن هذا القدر من المساعدة ضئيل للغاية مقارنة بما يحتاجه لبنان. بدا كل من الكونجرس والإدارة الأمريكية مترددين في إرسال المساعدات الإنسانية، خوفًا من وقوعها في أيدي حزب الله أو استخدامها لأغراض الفساد.
مجموعة العمل الأمريكية الخاصة بلبنان (ATFL)، هي منظمة أتشرف بقيادتها كانت قدوة في الأسابيع الأخيرة فيما يتعلق بالاستجابة لهذه الحاجة الملحة. وجدت هذه المنظمة أن المساعدة لا يجب أن تمر من خلال الحكومة اللبنانية.
تضيع حكومة الولايات المتحدة فرصة للتواصل مع الشعب اللبناني بشكل مباشر، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني التي تريد إحداث تغيير إيجابي في بلدهم. لنفكر في التأثير الذي ستحدثه طائرات سلاح الجو الأمريكي، عندما تصل مرة واحدة في الأسبوع بشحنات الأدوية والإمدادات الطبية ومواد إعادة الإعمار لتسليمها مباشرة إلى المنظمات غير الحكومية الموثوق بها.
هذا هو المكان الذي تصبح فيه القيم الأمريكية أكثر أهمية، في الوصول إلى قلوب وعقول الناس في أماكن أخرى من العالم. لا يمكن فقط للمجتمع المدني والشعب في شوارع لبنان أن يدركوا الجانب الجيد لأمريكا، ولكن الولايات المتحدة قد تفتح الباب أيضًا لحوار سياسي مع أولئك في لبنان الذين يريدون ضمان التغيير وأن يصبحوا قادة المستقبل في بلادهم.
** **
إدوارد إم غابرييل هو سفير الولايات المتحدة الأسبق لدى المغرب (1997-2001) والرئيس الحالي والمدير التنفيذي لمجموعة العمل الأمريكية الخاصة بلبنان - عن (ذي هيل) الأمريكية