فهد بن جليد
الأوروبيون يحذِّرون أطفالهم من الكذب بمقولة (من يكذب يكبر أنفه)، هذه الأسطورة تتردَّد حتى في المدارس بقصص وروايات تحث الصغار على قول الحقيقة والتمسك بها، طبياً توصل الباحثون إلى أنَّ (خشم الإنسان) بالفعل (يكبر ويصغر) تبعاً لصحة ما يقول، على اعتبار أنَّ من لا يقول الحقيقة يرتبك -مهما كان محترفاً- ليزيد تدفق الدم في (خشمه) فيبدأ بالاحمرار ثم يكبر قليلاً، بل إنَّ كبر الأنف ارتبط حتى في (نظريات الفلاسفة) كما في مفارقة (بينوكيو) الشهيرة عندما قال كاذباً (أنفي ينمو الآن)، فكبر (خشمه) بالفعل، ونصيحتي أترك كل (علامات الكذب) من حركات الأيدي، ونظرات الأعين، ونبرات الصوت، وركِّز على (الخشم) لمعرفة حقيقة ما يقال.
كذب الأطفال دليل الذكاء والفطنة في هذا العمر، لذا ينصح بالحفاظ عليه وعدم فضحه، كما أنَّ كذب النساء رحمة ورأفة بالرجل غالباً، لذا تكثر الدعوات بضرورة تفهم أهدافه النبيلة، يبقى الرجل صاحب الذاكرة القصيرة والمخرومة، التي تفضحه عندما ينسى ماذا قال؟ ومتى؟ ولمن؟ ليقع في شر أعماله قبل أن (يكبر أنفه). الباحث النمساوي (ستيغنيتز بان) قدَّم واحدة من أشهر الدراسات البحثية التي تؤكِّد أنَّ (مهارة النساء) في الكذب أكثر وألمع من الرجال، فيما يُعرف (بالكذب الرحيم) عند المرأة خوفاً على الشريك، لا أعرف لماذا تذكّرت (الموت الرحيم) على اعتبار أنَّ (الموت واحد)، مثلما أنَّ (الكذب واحد).
عدد مرات كذب الرجل في اليوم، مقابل عدد مرات كذب المرأة، ونسبة من يكذب أكثر من الجنسين؟ ولماذا يكذبون على بعضهم؟ وهل حجب المعلومات أو عدم قول الحقيقة يتساوى مع تقديم معلومات مضللة؟ كل هذا (باب واسع) اختلف فيه الباحثون والعلماء، إلاَّ أنَّ الراجح من القول أنَّ الكذب واحد، وهو صفة غير محمودة، لا لون له، ولا مبرِّر، ولا عذر لصاحبه، فلسنا بحاجة إلى (رؤية الأنوف)، بقدر حاجتنا إلى (الاطمئنان للقلوب).
وعلى دروب الخير نلتقي.