فهد بن جليد
سألت ذات مرة في لقاء تلفزيوني طفلة - من المواهب السعودية- عن أهم مهنة تراها في حياتها، فأجابتني بشكل سريع ودون تردُّد (المعلم)، قلت لماذا؟ وين راح دور الطبيب؟ والمهندس ..إلخ، فقالت (المعلم) هو من علم كل هؤلاء في الأصل كيف يتعلمون لاحقاً، فهو الذي جعل الطبيب يصبح طبيباً، والمهندس مهندساً، والمخترع مخترعاً، ثقة (الطفلة) بإجابتها لم تترك لي مجالاً للتفكير، فقلت لها مباشرة: معك حق.. كلامك صحيح، لولا المعلم لما تعلم أحد شيئاً.
يوم المعلم فرصة لنتذكر وندعو في ظهر الغيب لكل من علمنا حرفاً في مسيرة حياتنا، حتى لو جعل (العصا) مرافقة للقلم، فهيبة المعلم داخل المدرسة وفي الشارع لا تعدلها هيبة في صنع شخصية الأطفال وتخريج أجيال تلو أجيال، فرغم تطور وسائل وأدوات التعليم إلاَّ أنَّ بعض الأساليب التعليمية (التقليدية) مهمة ويجب الحفاظ عليها، ومنها استخدام القلم باليد للكتابة، وهو ما يجب التركيز عليه اليوم مع تواصل التعليم عن بعد بسبب جائحة (كورونا)، والاعتماد بشكل أكبر على الكتابة الإلكترونية أو الحديث اللفظي بين الطالب والمعلم، بينما الأبحاث الحديثة وآخرها ما نشره مركز (إن تي إن يو) الأمريكي للأبحاث الطبية، من أنَّ الكتابة باليد للصغار أكثر تأثيراً على نشاط الدماغ من استخدام الحاسب الآلي أو (الكيبورد)، وقد قيل قديماً (الفكرة صيد والكتابة قيد) كدليل على أهمية الكتابة والتوثيق التي تفتح الآفاق والمدارك، بل إنَّ بعض الآباء يطلبون من أبنائهم تقديم طلباتهم بشكل مكتوب، لمساعدتهم على التعبير واستذكار المعلومات وترتيب الأفكار، وفي كلٍ تعليم.
ما أجمل الوفاء للمعلم، خصوصاً ذاك الذي حمل المهمة بكل أمانة، وأخلص في تربيتنا قبل تعليمنا، معتبرنا مثل أولاده (بالزجر والنهي والترغيب والترهيب والتحفيز وزرع الثقة) كل موقف بما يقتضيه الحال، وما يستحقه من سلوك، قد لا أسمح للمعلم أن يستخدم (العصا) لتعليم أبنائي تبعاً لأساليب ودراسات التربية الحديثة المطبقة حالياً، ولكنني كلما تذكرت (حرارة عصا) معلم اللغة العربية في المرحلة المتوسطة، وأثرها في يدي، تمنيت أن يتعلم أبنائي (بحزم) أكثر.
وعلى دروب الخير نلتقي.