أ.د.عثمان بن صالح العامر
لم يكن حديث صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلطان للعربية عن القضية الفلسطينية في حلقاته الثلاث حديثاً عادياً، ولا هو ذو طابع دبلوماسي صرف ولا حتى مكرر لما سمعناه من قبل بل حديث قلبي صادق صريح وشفاف، ولذا لامس شغاف قلوب الملايين، حديث فصل في قضية مفصلية وأساس في حياة أفراد الأمتين العربية والإسلامية، حديث عربي مبين، سهل ممتنع، حديث مبني على الوثائق ومدعم بذكر الأرقام والأشخاص الأحياء منهم والأموات، والتواريخ الهجرية والميلادية، والأماكن العربية والعالمية وأشرفها بجوار الكعبة المشرفة، ولذا لا أعجب أن يلتزم الكل الصمت، إذ لم نسمع أو نقرأ حتى تاريخ كتابة هذا المقال عن ردة فعل سواء من قبل القيادة الفلسطينية وجماعات الإسلامي السياسي أعني حماس على وجه الخصوص أو من الولايات المتحدة الأمريكية أو من الإسرائليين أو حتى من المراقبين الدوليين فضلا عن غيرهم من العرب الذين يدعون وصلاً بالقضية الفلسطينية. بل على النقيض وجد الراصد لما بعد هذا اللقاء الآلاف من المتابعين يتسابقون لمشاهدة اللقاءات الثلاث في اليوتيوب، وإضافة حساب سمو الأمير الكريم في تويتر (راي بندر) الذي وعد في ثنايا اللقاء بتدشينه وتخصيصه لنشر الوثائق والأوراق التي تبرهن على كل ما قال والتي يحتفظ بها بصفته الشخصية، مع أنه لم ينشر بعد أي من هذه المحفوظات.
لقد عزز هذا اللقاء ما يعرفه كل مواطن سعودي عن حكومته وقيادته وولاة أمره منذ عهد جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله وحتى عصر العزم والحزم عهد خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأمين حفظهما الله ورعاهما وأيدهما وحماهما، حيث المصداقية في المواقف، والصراحة حين المواجهة، والتضحية من أجل القضية التي يؤمنون بعدالتها وعروبتها بل الاستعداد التام للمخاطرة بالمصالح الوطنية الخاصة من أجل إنجاح المفاوضات التي تكون فيها القيادة الفلسطينية طرف، والنفس الطويل عند المعالجة للقضايا الوطنية والعربية والإسلامية والإنسانية العالمية، وعلى رأسها قضيتنا الأولى (القضية الفلسطينية)، والصبر على ظلم ذوي القربي مهما توالت الطعنات وكثرت الخيانات وزادت الانتكاسات ولكنه صبر إلى أمد مهما طال، وعدم التخلي عن مناصرة ومؤازة أصحاب القضية -كما يفترض طبعاً- رغم كل الإخفاقات التي مصدرها ومردها وسببها الأولي والأخير هم - أعني القيادة الفلسطينية الذين يتكسبون من وراء بقائهم في سدة الحكم (يأخذون المساعدات وينسون النصحية) ولذا فهم بحق (محامون فاشلون لقضية عادلة) يقفون في مواجهة حقيقية إزاء (محامون ناجحون لقضية غير عادلة). منشأ ذلك وسببه لدى قيادتنا السعودية الإيمان التام بحق الشعب الفلسطيني وعدالة القضية ومن منطلق عربوي إسلامي إنساني ذاتي صرف.
شكراً صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلطان، وحقاً ما قلت من قبل (ليس مهماً كثرة الظهور الإعلامي ولكن المهم عندما تظهر ينصت لك الجميع)، فلقد أنصت لكم الجميع، وسكتم مع نهاية الحلقة الثالثة، والكل يقول (ليته ما سكت) لأننا نجزم أن لدى سموكم الكريم المزيد من الأوراق والوثائق، وفي ذاكرتكم الكثير من الأحداث والحقائق ليس عن القضية الفلسطينية فحسب بل في المعترك السياسي والدبلوماسي ينتظرها المواطن السعودي والعربي بشغف، حفظكم الله سيدي وأطال عمركم على الطاعة والعمل الصالح، ولكم من كل سعودي غيور جزيل الشكر والتقدير وفائق التحايا والتبجيل،، ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.