علي الخزيم
يَجِد الإجراء العدلي الذي اتخذته وزارة العدل مؤخراً حول دعوى إثبات الطلاق بالمملكة صدىً وارتياحاً جيدا، إذ يرى مختصون شرعيون ومحامون ومستشارون أسريون أنه إجراء منصف للمجتمع ويراعي حقوق الأسرة، ويدفع إلى خفض نسب الطلاق، ويحقق العديد من اللفتات الاجتماعية بمراعاته لحقوق كل الأطراف ولئلا يكون الطلاق عائقاً دون استمرار المنهج التربوي للأسرة، وبهذا تطوي وزارة العدل السعودية صفحة الإجراءات القديمة للطلاق التي كانت تتضمن سلسلة من القضايا والمطالبات، حيث يقضي الإجراء الجديد بأن لا يتم الطلاق إلا باتفاق بين الطرفين، وتؤكد الوزارة أنها لمست إيجابياته الأولية بالحد من نِسَب الطلاق، وينص الإجراء على أن: (أي دعوى إثبات طلاق أو خُلع أو فسخ لا تتم إلا بحضور الزوجين؛ وبعد محاولة الإصلاح بينهما يُفصل في قضايا النفقة والحضانة والزيارة فوراً مع صك الطلاق، وحسم هذه القضايا خلال 30 يوماً).
ويقول محام متخصص: (التعديل الأخير الذي أعلنته وزارة العدل وفعَّلت من خلاله مركز المصالحة يهدف أيضاً إلى توعية المجتمع بالحقوق النظامية لكل الأطراف، وهذا حق كفله النظام وساهمت وزارة العدل بإبرازه بجميع القضايا وبشكل لافت بقضايا الأحوال الشخصية)، فعند رفع الزوج إثبات الطلاق تحال المعاملة لمركز المصالحة لمحاولة الصلح بينهما للحفاظ على الكيان الأسري، وإن لم يتصالحا وتوجَّها إلى إثبات الطلاق يوقع الطرفان على (محضر اتفاقية مصالحة) ويُعنى بالحضانة والنفقة والزيارة؛ ويُعد سنداً تنفيذياً له قوة الأحكام القضائية، وفي حال عدم الاتفاق على أي مما سبق تحال للدائرة القضائية للنظر فيها بالوجه الشرعي والنظامي.
وبهذا الصدد يؤكد (استشاري نفسي تربوي) بأن البيت المطمئن المستقر تعم فيه الرحمة والحب، وبدونهما لا يمكن التحدث عن الاستقرار الأسري سواء بالعلاقة بين الزوجين أو العلاقة بينهما وبين الأبناء، فأول ما يُريده الأبناء من الآباء والأمهات أن تكون علاقتهما مبنية على السعادة والتقدير والمحبة، فلا يُمكن إشباع بقية الاحتياجات قبلها، وبالاطلاع على التقرير الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء أغسطس الماضي بمناسبة اليوم العالمي للشباب بعنوان (الشباب السعودي في أرقام)؛ فقد برز من بين تبريرات الشباب لأسباب تأخر الزواج (صعوبة العثور على الشريك المناسب)، ولهذا يرى استشاري متخصص بالشأن الأسري أن: (رفع سقف التوقعات من المقبلين على الزواج والتصورات الخيالية حوله) يُعد من أهم مهددات الحياة الزوجية، فهو يوصي بألا يتوقع الزوج أو الزوجة من الحياة الزوجية أكثر من اللازم، وأن يتخلّى عن الصورة الذهنية والتصورات الخيالية التي تُفقد الحياة الزوجية وهْجهَا واستقرارها، والسعيد من توفرت له بزواجه الأركان الهامة لحياته الزوجية: كالمودة والرحمة والسكينة؛ فلتحقيق هذه السعادة يلزم السعي لها من الطرفين ليحصلا على ما يُرجَى من الزواج كالاستقرار وهدوء البال وهناء المعيشة، ولديمومة اخضرار وإزهار حدائق الزوجية لا بد من مراعاة تبادل تعابير الحب اللطيف بينهما دون مبالغة سطحية وعبارات مكررة يَملّها المزاج بعد حين، بل بما تأتي به الفرص المواتية للمبادرة بذلك قولاً أو عملاً جميلاً؛ ولكلٍ طريقته ولغته.