محمد سليمان العنقري
نظرية المسؤولية الاجتماعية تنادي بأن يكون لكل كيان دور أخلاقي وذلك بالقيام بأعمال تخدم المجتمع ولا يقتصر هذا الدور على المنشآت أو المنظمات، بل حتى الأفراد وذلك بالمساهمة المادية أو العينية أو الفكرية بكل ما من شأنه خدمة المجتمع اقتصادياً واجتماعياً. وتعد مشاركة كل كيان بهذا النوع من الأعمال مقياساً على مدى خدمته للمجتمع وعلى كل ما يسهم في تعزيز الرفاهية فيه والمساعدة بتطوير الخدمات أو البيئة عموماً وهو ما ينعكس إيجاباً على التفاعل الإيجابي لكل أطياف المجتمع ويعزِّز من خطوات التقدّم بمساندة أعمال الدولة في التنمية ورفع دور كل كيان بالمجتمع وفي المملكة تبرز المسؤولية الاجتماعية كتوجه تعلن عنه جل المنشآت بالقطاع الخاص فكثير من هذه الكيانات لديها إدارات خاصة بالمسؤولية الاجتماعية، وذلك بعد أن كثر الحديث عن ضرورة أن يكون لهم دور بهذا النوع من الأعمال ورغم أن بعض هذه المنشآت تقدّم مساهمات كبيرة مجتمعياً فبعضها قام بمشاريع تشييد مساكن لتوزع على الأكثر احتياجاً وفق منظومة معينة بالتعاون مع جهات معنية بتحديد من هم الشريحة التي تحتاج لمثل هذه التبرعات بالإضافة لأعمال خيرية من مختلف النواحي كإنشاء مراكز صحية أو أبراج طبية بمستشفيات كبيرة وغير ذلك من الأعمال لكن تبقى هذه الجهود شبه مبعثرة وغير مركزة بشكل دقيق ولا تحظى بتغطية إعلامية تبرزها ولكن الأهم هو أنه يمكن أن تنظّم بطرق تكون أكثر فاعلية في تأثيرها وأكبر حجماً مادياً وتتوجه لدعم برامج تعزِّز من المشاركة الاقتصادية لمن هم مسجلون سواء في الضمان الاجتماعي أو لدى الجمعيات الخيرية بالإضافة للمساهمة بدعم توسع الخدمات الصحية والتعليمية والعديد من الأدوار التي يمكن لتنظيم أعمال المسؤولية الاجتماعية أن تغطيها بكافة المناطق أن أولى خطوات التنظيم العملية التي يمكن أن تسهم بتعزيز هذه الأعمال أن يتم تأسيس صندوق لكل قطاع بالاقتصاد فيمكن تأسيس صندوق لقطاع البنوك والتمويل وكذلك آخر لقطاع الاتصالات وأيضاً لأغلب النشاطات العقارية أو الصناعية وتكون تحت إشراف وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ويتم عرض كل الفرص للمساهمة بها في جميع المدن لدعمها وتمويلها بما يشمل دعم الأسر المنتجة والقروض لتأسيس المشاريع متناهية الصغر فتأسيس مثل هذه الصناديق يضمن توحيد الجهود التي تبذل ويجعلها قادرة على التوسع بدورها لأعمال كبرى لأن حجم هذه الصناديق سيل إلى أرقام ضخمة بعد أن يتم التبرع لها سنوياً بنسبة من الأرباح لا تمثّل عبئاً على أي منشأة ويكون لها أثر كبير عندما تكون مجمعة من أطراف عديدة ضمن صندوق يمثّل كل قطاع ونشاط اقتصادي، ويُضاف لذلك وضع الأنظمة الملائمة لمراقبة وتنظيم عمل هذه الصناديق وحوكمتها ومتابعة سير أعمالها مما يجعل من المسؤولية الاجتماعية عملاً ذا تأثير إيجابي كبير في المجتمع مثل هذه الأعمال كلما زاد تنظيمها ووضع القوانين الناظمة لعملها كان دورها أكبر وأشمل وبتأثير واضح وواسع، فقد يكون هناك إنفاق على المسؤولية الاجتماعية ضخم فعلياً لكنه مشتت ولا يوجد إستراتيجية تنظمه بما يكفل تحقيق انعكاس إيجابي منه على الاقتصاد والمجتمع وبداية التحول لتنظيم هذا المسار المهم في خدمة المجتمع ما هي إلا الخطوة الأولى نحو تعزيز التعاون والتكافل المجتمعي بين كافة أطيافه.