عبدالعزيز السماري
في موقف مثير للدهشة، تراجعت منظمة الصحة العالمية عن موقفها الأصلي بشأن كوفيد -19 بعد دعوة قادة العالم إلى التوقف عن إغلاق بلدانهم واقتصاداتهم، وذلك بعدما ناشد الدكتور ديفيد نابارو من منظمة الصحة العالمية قادة العالم أمس، طالبًا منهم بالتوقف عن «استخدام عمليات الإغلاق كطريقة أساسية للتحكم» في فيروس كورونا.
حيث زعم أن الشيء الوحيد الذي تحقق في عمليات الإغلاق هو الفقر، وأضاف: «إن عمليات الإغلاق لها نتيجة واحدة وهي أنه يجب ألا تقلّل من شأنهم أبدًا، وهذا يجعل الفقراء أفقر كثيرًا، وأضاف «انظر فقط إلى ما حدث لصناعة السياحة في منطقة البحر الكاريبي، على سبيل المثال، أو في المحيط الهادئ لأن الناس لا يقضون عطلاتهم، وماذا حدث للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في جميع أنحاء العالم... انظروا إلى ما يحدث لمستويات الفقر، وقد يتضاعف الفقر العالمي بحلول العام المقبل. قد يكون لدينا على الأقل ضعف في سوء تغذية الأطفال».
علامات التعجب ستلاحق تصريحات المتحدث، فالوضع في البدء كان بسبب قرارات المنظمة الخاطئة في مجالات مختلفة منها التلاعب بأرقام الدراسات العلمية التي تحت إشرافها، وثانياً انتشارها كشبكة ذات نفوذ، وترتبط بعناصر مؤثِّرة في الحكومات، والآن يبدو أن المنظمة العالمية انقلبت على موقفها السابق بعدما تكبد العالم خسائر لا حدود لها، فقد تأثر ذوو المداخل المتدنية، وذوو الدخل المحدود بقرارات إغلاق الدول، وكانت بمثابة الشلل العام للمجتمعات، وما زالوا يعانون إلى اليوم من آثارها، لذلك لا يمكن قبول تراجع المنظمة، وعليها أن تتحمَّل نتائج توصياتها السابقة.
لا تزال في الوباء بقية، وقد تظهر مفاجآت في نهاية الأمر، بعدما تم استغلالها لتكوين ثروات خيالية عند الأقلية، وما زلنا نبحث في التقارير الجديدة عن أرقام لإصابات الإنفلونزا ولإصابات الكورونا السنوية كل على حدة، على أن لا يتم دمجهما في تقرير واحد، وهو ما سيحدث حسب فهمي الأولي.
لنراجع وفيات كورونا، وهل كان السبب كورونا أم في أغلبها وجود أسباب أخرى، ولنراجع وفيات الإنفلونزا الموسمية، ونقارن، وهذا لا يعني أننا ننكر وجود وباء لفيروس كورونا، فهو موجود منذ سنوات عديدة، وكان يدخل في إحصاءات الإنفلونزا الموسمية، لكن ما الذي اختلف هذا العام، لا سيما أن معدلات الوفيات لم تختلف كثيراً في المجتمعات عن الإنفلونزا، ناهيك عن إشكالات الفحص ودقته، والذي لا يزال في مرحلة الاستعمال للضرورة.
أخيرًا، وبعد تراجع المنظمة عن أسوأ قرار اقتصادي واجتماعي، لا تستغربوا أن تظهر مفاجآت جديدة، ولكن السؤال: من سيتحمَّل تكاليف القرارات التي ألحقت الضرر باقتصاد ذوي المدخولات المتدنية والمحدودة؟ وهل سيتم تعويضهم على ذلك؟ أسئلة تنتظر أكثر من رفع لعلامات الاستفهام؟