د. محمد بن إبراهيم الملحم
تناولنا فيما سبق الجانب الكمي للمنصة من خلال تصريح وزاري مؤخراً قدم أعداد من خدمتهم المنصة وكان عدداً أقل بكثير من أعداد طلاب التعليم العام، وقد أشار أحد الزملاء أن ذلك التصريح هو مقطع غير مكتمل (وقد بحثت عنه بكامله فلم أصل لنتيجة)، ويمكن أن يستشف منه أيضاً أنه خاص بالتعليم الجامعي فألفاظه حمالة أوجه خاصة تعبير «أعضاء هيئة التدريس»، وهذا وارد، ومع ذلك فإن أعداد طلاب التعليم العالي أكثر بكثير من العدد الذي ورد في التصريح مما يجعل التساؤل مفتوحاً أيضاً، كما أن الحيرة نحو المفردة المزعجة الواردة في التصريح تأخذ منحى أكبر وأشد إذا كان الحديث عن الأستاذ الجامعي وليس معلم التعليم العام الأقل تأهيلاً وثقافة! وخلاف هذا وذاك فإن غياب الفريق الإعلامي للوزارة عما يكتب حولها ويؤثر على سمعتها ثم تقديم توضيحات مناسبة هو نقطة محل تساؤل أيضاً، كما أن التساؤل حول كم هو عدد الطلاب الذين لم يستخدموا المنصة حتى اليوم يظل قائماً.
وعدتكم اليوم أن أتحدث عن الجانب النوعي للمنصة، وهذا الحديث يمتد إلى منتصف الفصل الدراسي الثاني في العام الدراسي المنصرم عندما فاجأنا فيروس كورونا كوفيد - 19 وهدد الأرواح فتم إيقاف الدراسة وبدأت الدراسة عن بُعد من خلال كل من قناة «عين التعليمية» المعروفة وما كان يسمى «منظومة التعليم الموحدة» وقد كتبت عنها في مقالتي بهذه الجريدة بعنوان «التعلم الإلكتروني عن بعد 2/1» بتاريخ 19-3-2020 ضمن هذا لرابط http://www.aljazirah.com/2020/20200319/ln16.htm، ووضحت أني دخلت على تلك المنظومة أول ما وصلني رابطها (http://vschool.sa) لكي أرى كولي أمر وكتربوي مخضرم كيف سيكون الأمر، ومع أني لم أتمكن من مشاهدة مدرسة أي من أبنائي أو ابنتي فلم تفتح لي شاشاتها ولكني وجدت دليل الاستخدام لها فتصفحته حيث يعرض صوراً لشاشات النظام فوجدتها شاملة لما يحق لك أن تسميه منصة تعليم Educational Platform فهناك تواصل بين المعلم والطالب وبين الطالب وزملائه الطلاب وهناك إعداد وعرض اختبارات وواجبات واستبيانات وهناك شاشات للإعلانات والتنبيهات والمناقشات وخطط الدروس وغيرها كثير، فهناك تقريباً كل ما يمكن أن تتصوره لمنصة شاملة لكل الأدوات التي تخدم الطالب والمعلم وإدارة المدرسة، وهي ليست مجرد نظام إدارة تعلم LMS فحسب بل هي أيضاً منصة تقديم دروس تماماً مثل ميكروسوف تيمز أو زووم وأمثالهما وتتوفر بها كل الخصائص من مشاركة عرض تقديمي وسبورة تفاعلية وتسجيل الدرس، كما يمكن عرض الدرس تزامنياً (بث مباشر) أو يسجله المعلم ويبثه لاحقاً وغير ذلك كثير جداً من الوظائف والخدمات الرائعة بصراحة.
طبعاً لم تكن تلك المنصة (منظومة التعليم الموحدة) تعمل وظلت لا تعمل حتى نهاية العام الدراسي، حيث اقتصر الأمر على قناة «عين» واجتهادات بعض المعلمين المخلصين بالتواصل من خلال الواتس آب وغيره من الوسائل المتاحة، في هذه الحالة تتوقع أن يكون هناك عمل دؤوب ليل نهار لإنجاز ما قد يكون تأخر إنجازه فيها لتكون جاهزة السنة الدراسية القادمة أي مع حلول شهر 10 ، وحيث كان الأمر في شهر 3 فنحن نتحدث عن أكثر من مهلة 6 شهور قليلاً، كما أن إطلاق ما كان يسمى المنظومة مع توفر دليل استخدام يتضمن شاشاتها المصممة فعلاً وبأمثلة واقعية لا يعني أنها لم توجد بعد وإنما هي غالباً في طور الاستكمال أو اللمسات النهائية أو تعرضت لمشكلات تشغيل بحاجة إلى فحص وتهيئة لتعمل، وهذا كله تكفيه الشهور الستة وتزيد، ولكن بدأت الدراسة واختفت «المنظومة» لتظهر مكانها «منصة مدرستي» والواقع أنها ليست منصة Platform بالمعنى المعروف لهذا المصطلح، فهي ليست سوى برنامج إيميل بين المعلم والطلاب، أي ببساطة هو نسخة مخصصة من أوتلوك Outlook عليها شعار الوزارة وشعار «منصة مدرستي» وهو ما يسمى White Page License أي رخصة لاستخدام خدمة الإيميل بواجهة مخصصة للعميل (وزارة التعليم في هذه الحالة)، أما ما ذكرته آنفاً من خدمات كانت تعد بها المنظومة من خلال دليل الاستخدام فهي ليست في المنصة أبداً، ولهذا لا ينبغي أن تسمى «منصة» فهي مجرد وسيلة تراسل إيميل فقط، والمعلم يضع في رسالته للطلاب أجندته أو طلباته مع رابط فصله على ميكروسوف تيمز Microsoft Teams ليقدم الدرس من خلاله وهو برنامج شركة ميكروسوف المخصص للاجتماعات عن بعد (مثل زوم Zoom الشهير) ويستخدمه المعلمون لتقديم دروسهم لطلابهم بشكل متزامن synchronous مع تواجدهم بنفس وسيلة الاتصال.
لماذا أطرح هذه الملاحظة؟ السبب أن المتوقع أن توفر الوزارة للمعلم والطالب وسيلة متكاملة للتدريس عن بُعد تتوافر بها كل الوظائف التي يتطلبها التدريس عن بُعد كما تقدم توضيحه، لا مجرد برنامجين أحدهما إيميل والآخر اجتماعات ! حالياً عندما يرغب الطالب التواصل مع المعلم خارج وقت الحصة فهو يضطر لإرسال رسالة واتس آب على جواله الخاص، كذلك فإن المعلمين يضطرون لاستخدام برامج أخرى لخدمتهم مثل قوقل فورمز Google Forms لعمل اختبارات أو إحالة الطلاب إلى اليوتيوب YouTube لمشاهدة فلم مناسب لموضوع الدرس، وهذه كلها مجالات يمكن لـ «منصة» Platform بمعنى الكلمة أن توفرها بشكل مباشر وفي مكان واحد.. وهو ما وعدت به «منظومة التعليم الموحدة»، والواقع طالما إن الوزارة لجأت إلى شراء رخصة License من ميكروسوف لتستخدم منتجاتها هذه (وهي محدودة كما تقدم) فكان يمكنها أن تشتري رخصة من منصات فعلية مثل بلاكبورد Blackboard مثلاً أو مودل Moodle علماً أنها مستخدمة في الجامعات والتي تشرف عليها نفس الوزارة وتحمل كل خصائص المنصة التعليمية ! كل علامات التعجب هذه تتطلب من الوزارة توضيحات أين ذهبت المنظومة وما الذي حدث؟