شريفة الشملان
هذا مثل مصري، يُحكى عن السيدات الجاهلات اللواتي يتخاصمن خصامًا قويًا، فتفرش إحداهما الملاية (العباية) للأخرى لتعيرها كثيراً وبصوت عالٍ ملعلع، يسمعها من يمر ومن لا يمر، وترد الثانية بأقوى.. وهكذا..
فرش الرئيس الأمريكي (ترامب) الملاية مرتين في الأسبوع الماضي والذي قبله، المرة الأولى تبادل التهم والكلام غير اللائق بينه وبين خصمه من الحزب الديمقراطي، وشهد العالم صراعًا قذرًا بين الفيل والحمار شعاري الحزبين، تضاربا تحت وفوق الحزام، والعالم ينظر لهؤلاء الذين يقودون العالم ويرون أنفسهم رمزًا للخير والإنسانية.
بدَّل الفيل مكانه ليرتاح أو يلتقط الأنفاس ليكون مستعدًا للجولة الثانية، وكانت الكورونا خيارًا متوفرًا، بسرعة شفي وفي العادة يكون الحجر 14 يوماً ولكن الفيل استطاع الشفاء قبل ذلك بقدرة قادر، خرج من الحجر ليتم الصولان والدوران، حقيقة له ولفريقه ذكاء غريب، ذكاء ثعلبي لرجال الأعمال الذين يعرفون كيف يسخرون كل شيء لمصلحتهم. وكان يحتفظ بالملاية المثقبة والمرقعة للفريق الثاني. وبدأ ينطح يمينًا ويشطح شمالاً، وهو يحك أرضية المكان لينثر الغبار ما قد نثر وما لم ينثر عن وزيرة خارجية عهد الإفريقي الأصل (أوباما) السيدة هلاري كلنتون. وراح ينشر التسجيلات وبغض النظر إن كان أخلاقيًا أم غير أخلاقي، فكل ما عملته أمريكا منذ الحرب العالمية الثانية وإسقاط القنابل على هيروشيما ليومنا غير أخلاقي.
السجل يستهلك كل ملايات العالم، المهم عرفنا أشياء لم تكن غريبة عنا خاصة ما نعرفه عن (سعود الفيصل) -طيب الله ثراه- وزير الخارجية الذي درس واجتهد علمًا وفراسة، فهو يستند لثقافة دبلوماسية قوية ورث ثقلها من والده الملك فيصل، وعلى صخرة قوية اسمها السعودية.
كلينتون حتى كتابة هذه السطور محتفظة بملايتها التي هي الأخرى مثقوبة ومشقوقة من وسطها.
عندما تقوم الحرب ويقتل الأمريكان البشر في كل مكان، فلا فرق بين حمارهم وفيلهم، رغم أن كل من الفيل والحمار حيوان بريء ويعمل بفطرته ولا يؤذي أحدًا إلا إذا آذاه. الجنود يسيرون بإمرة القائد الأعلى، فمن ضرب المدارس ومصانع الأدوية وحليب الأطفال في العراق والسودان، الملاجئ. كلاهما فيل وحمار لا فرق إنما يفعلون ما يمكن أن نسميه فترات التقاط الأنفاس. وأنفاسهم دائماً مشكوك بخلوها بإنسانيتها.
تجويع الأطفال ونشر الأمراض وقتلهم جوعًا أو في الملاجئ، تدمير البنية التحتية للدول، ومنح ما لا يملكون لمن لا يستحقون، منح العراق للطائفية وتشريد شعبها حول العالم وإعطائها عجينة طرية للطائفية وتركها لفوضى الغيبيات التي تلعب بالسذج من ذوي العمائم السود والبيض كما أرادوا، وترك الطائفية تنمو نمو البكتريا، وعن عمد سلمت للفرس وجرح حرب ثماني سنوات لم يبرأ بعد ما بين العراق وبين إيران.
سلَّموا القدس ومسجدها الأقصى للصهاينة. تأجيج الحروب هنا وهناك ليكون السلاح أكبر تجارة وليكون الموت أعظم وارث. لو أتينا للأرث الإنساني من تراث في مناطق أثرية من مدن وصوامع ومساجد كيف دُمِّرت وأهينت وقُتل المصلون فيها وكيف سُرقت وانتشرت في كل مكان.
ملاية تفرش وهي معروفة للعالم أجمع ومناظرة تحت الحزام. ولله در العالم من ملايات تنشر. ولله در العالم من حرامية يتخاصمون والمسروق معروف للعالم ومشاهد عبر كل القنوات الفضائية.
عالم بهذا السوء وهذا الظلم وهذه القباحة كيف يسود العالم، تلك حكاية لا تنتهي ولن تنتهي إلا إذا عرفت الشعوب أن سلامها وأمنها وإنسانيتها في منع الحروب وزرع الأرض قمحًا وأرزًا ليكون الخبر للكل والطعام للكل وبدلاً من الحروب وزرع الألغام للبشر زرع الحب والحب (بالسكون). وهكذا نستريح لا فيل يهددنا ولا حمار يرفسنا، وكل منهما يحتفظ بملايته.