أوصاف الفارس
عندما كنت طفلة، كثيرًا ما كنت أسمع جدتي -رحمها الله- تقول عند حديثها عن أي شيء إذا مر في الحديث كلمة (أنا) تقول (أعوذ بالله من كلمة أنا)، لم أكن أعرف سبب قولها هذه الجملة على الدوام، حتى كبرتُ وصادفت في حياتي الكثير من الأشخاص الذين فعلاً مصابون بمرض (الأنا) الذي لطالما تعوذت جدتي منه.
صاحب هذا المرض أعمى لا يرى إلا نفسه، أهدافه في هذه الحياة لا تخدم إلا منفعته الخاصة فقط حتى لو كان ذلك على حساب من هو أولى منه كثيرًا، ما نسمع بعض الأشخاص يرددون (اللهم نفسي) أو (أنا أولى) أو(أنا ومن بعدي الطوفان)، والكثير من الشعارات التي يبررون بها لأنفسهم أفعالهم الأنانية، فكل مشاعرهم وأحاسيسهم تحركها تلك الأنا.
هؤلاء يجب أن يستحوذوا بنظرهم على الأعمال المهمة، وعلى جميع مجالات الظهور العامة، ويسعون لإلغاء الآخرين ونسف آرائهم، وتحقير ما يقومون به من أعمال، يحبون فرض رأيهم في كل المجالات.
يعانون من الغيرة من الناس الذين يحققون نجاحات أفضل منهم فيقومون بالسعي لوضع العراقيل في طريقهم بشتى الوسائل، يسخرون من آراء الآخرين ويشككون بنواياهم وأهدافهم.
أكد أخصائيو الطب النفسي أن أصحاب هذه الصفات يعانون من عدم الاستقرار النفسي والقلق واضطراب الشخصية، كما وينفعلون من النقد الموجه لهم ويقومون برفض سماع الرأي المخالف لرأيهم، أصحاب هذا المرض الذي أعتبره من أشد الأمراض فتكًا في المجتمع، لا يعترفون بنرجسيتهم بل يعبرونها ثقة في النفس، ولكن هناك فرق كبير جدًا بين الثقة في النفس والنرجسية أو الأنا, أن النرجسي ما هو إلا فاقد للثقة في النفس، لذا تجده يقوم بتضخيم أي فعل يقوم به، أو كلمة يقولها، لأنه يريد أن يضع كل سلوكياته تحت المجهر ليلفت أنظار الآخرين إليه، وسبب ذلك أنه في قرارة نفسه يعتريه شعور أنه لا يلقى أي اهتمام من الآخرين، لذا فإنه يُحاول لفت أنظارهم، عن طريق الحديث في كل شيء يخصه.
أما الواثق من نفسه فلا حاجة له لفعل ذلك، سلوكه الجيد وأعماله هم من يتحدثون عنه، وحتى إذا ما تحدث عن نفسه، يكون هذا الحديث مرتبطًا بأعمال جيدة، تستحق أن تكون محور حديثه، ويجدر به تسليط الضوء عليها.