أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين أن المنظمة بأجهزتها المتخصصة والمتفرعة والمنتمية ذات الصلة، وكذلك الأمانة العامة تهتم بملف تمكين المرأة والنهوض بوضعها في العالم الإسلامي لما كرَّمها به الإسلام من حقوق، مشيراً إلى أن هذا الاهتمام أسفر عن إنشاء منظمة تنمية المرأة التي سيكون مقرها في العاصمة المصرية القاهرة، وستعقد الدورة العادية الأولى لمجلس منظمة تنمية المرأة افتراضياً يومي 21 و22 أكتوبر الجاري.
وفي لقاء مع صحيفة الجزيرة، قال العثيمين إن حراك المنظمة في هذا المجال يستمد قوته وفاعليته من دعم الدول الأعضاء وفي مقدمتها المملكة التي تبنت خططا، ونفذت المبادرات والاستراتيجيات التي تنهض بالمرأة السعودية بشكل كبير من خلال تبوئها للمناصب القيادية وارتفاع معدلات التعليم والعمل.
* بداية نريد أن نقف على آخر المستجدات عن إعلان قيام منظمة تنمية المرأة ومقرها القاهرة.. ماذا ستقدم منظمة تنمية المرأة للأسر في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي؟
- أنشئت منظمة تنمية المرأة التي سيكون مقرها القاهرة، في جمهورية مصر العربية بموجب القرار رقم 4/36-أت الصادر عن الدورة السادسة والثلاثين لمجلس وزراء الخارجية في دمشق سنة 2009 كمنظمة متخصصة لتنمية المرأة والنهوض بوضعها وبناء قدراتها ومهاراتها وكفاءاتها في الدول الأعضاء، وذلك من خلال آليات متنوعة، من بينها عقد دورات تدريبية، وتنظيم مؤتمرات وندوات وورش عمل وملتقيات في مجالات تنمية المرأة في الدول الأعضاء، ومساندة الجهود الوطنية في الدول الأعضاء لتنمية الموارد البشرية في مجال تنمية المرأة وتعزيز دورها وضمان حقوقها بما يتفق وميثاق ومقررات منظمة التعاون الإسلامي. وقد اعتُمد نظامها الأساسي بقرار مجلس وزراء الخارجية رقم 2/37-أت في الدورة السابعة والثلاثين المنعقدة في دوشنبيه (طاجكستان) عام 2010، وقد دخل النظام الأساسي للمنظمة الآن حيز النفاذ بعد مصادقة 15 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وبذلك يكون النصاب القانوني للمصادقة قد اكتمل آذناً للمنظمة للبدء في عملها وممارسة مهامها. وتجري حالياً الاستعدادات لبدء عمل المنظمة بالتنسيق بين جمهورية مصر العربية والأمانة العامة.
* من واقع مباشرة منظمة التعاون الإسلامي لملفات التمكين والتنمية على كافة المستويات ما الحاجة التي دعتكم إلى إنشاء منظمة تنمية المرأة؟
- بالتأكيد أن منظمة التعاون الإسلامي بأجهزتها المتخصصة والمتفرعة والمنتمية ذات الصلة، وكذلك الأمانة العامة تهتم بملف تمكين المرأة والنهوض بوضعها في العالم الإسلامي لما كرمها به الإسلام من حقوق، ولما لها من مكانة في المجتمع، ودور في تنميته، ولا يمكن التفكير في تقدم المجتمعات بدون النهوض بالمرأة وإشراكها في الخطط والبرامج وصنع القرار. ورغم التشابه في بعض القضايا الخاصة بالمرأة والفتاة في أنحاء العالم، مثل بعض أشكال العنف والفقر والأمية، إلا أن هناك قضايا تمس المرأة المسلمة في إطار فهم وتطبيق الشريعة والمبادئ الإسلامية، وتأثير ثقافة المجتمع والأوضاع في بعض الدول الإسلامية التي تعاني من النزاعات والحروب، وهذه تتطلب التعامل مع قضايا المرأة بمراعاة هذه العوامل الدينية والمجتمعية والثقافية. وفي سبيل وضع السياسات والخطط المناسبة عقدت المنظمة سبع دورات للمؤتمر الوزاري حول دور المرأة في التنمية في الدول الأعضاء منذ 2006 وكان آخرها في 2018. كما وضعت المنظمة خطة عمل للنهوض بالمرأة في الدول الأعضاء (أوباو) تم اعتمادها في عام 2008، ومراجعتها لتحديثها في عام 2016، ومن أهدافها الرئيسة.
وسيكون دور منظمة تنمية المرأة هو التكفل بكل ما يعني تمكين المرأة وتعزيز مكانتها من خلال متابعة تنفيذ خطة أوباو في العالم الإسلامي وتقييمها وتطويرها بشكل دوري. ومن أهم أهداف منظمة تنمية المرأة: إبراز دور الإسلام في صيانة حقوق المرأة المسلمة، وبالخصوص في المحافل الدولية التي تشارك فيها المنظمة؛ وضع الخطط والمشروعات والبرامج اللازمة لتنفيذ سياسات وتوجهات وقرارات منظمة التعاون الإسلامي في مجالات تنمية المرأة ورعايتها وتأهيلها في مجتمعات الدول الأعضاء؛ تنظيم المؤتمرات والندوات وورش العمل والملتقيات في مجالات تنمية المرأة في الدول الأعضاء؛ عقد الندوات والبرامج التدريبية الهادفة إلى تعزيز وبناء القدرات والمهارات والكفاءات في مجال تنمية المرأة وتمكينها للاضطلاع برسالتها في الأسرة والمجتمع؛ مساندة ودعم الجهود الوطنية في الدول الأعضاء لتنمية الموارد البشرية في مجال تنمية المرأة؛ إجراء دراسات لتعزيز دور المرأة في الدول الأعضاء؛ وإنشاء شبكة معلومات لتمكين الدول الأعضاء من التعرف على الخبرات والممارسات بشأن المرأة بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات المجتمع المدني ذات الصلة في الدول الأعضاء.
* في ظل جائحة كورونا ما التحديات التي تواجه المرأة في الدول الأعضاء على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والصحي، وكيف تتصدى المنظمة لهذه التحديات في ظل أزمة كورونا في العالم؟
- في ظل أزمة فيروس كورونا المستجد التي يعاني منها العالم اليوم، يتجدد أهمية دور المرأة الحيوي والمهم في مواجهة هذه الجائحة وحماية أسرتها ومجتمعها سواءً في إطار منزلها أو عملها بالمحافظة على صحة أسرتها، بدايةً بتطبيق جميع التوجيهات والقرارات الحكومية سواء كانت من القطاع الصحي أو التعليمي أو الخدماتي وغيره، والالتزام بالعزل المنزلي وتجنب التجمعات للحد من انتشار العدوى، وجعل النظافة سلوكاً صحياً ونمط حياة متجدد. بالإضافة إلى تشجيع الأطفال والنشء على الصبر وإدراك أهمية الالتزام بالإرشادات، ومساعدتهم على استثمار الوقت في الأشياء المفيدة والتقرب من أفراد الأسرة والتواصل معهم وتحويل الطاقة السلبية إلى طاقة إيجابية.
وقد أثبتت المرأة قدرتها على المشاركة في خط الدفاع الأول بجانب الرجل في القطاعات الصحية والتربوية والاقتصادية وغيرها في مواجهة هذا الوباء والمشاركة في توزيع الأدوار بين الجنسين سواءً داخل الأسرة أو خارجها في دول العالم الإسلامي والعالم أجمع والمساهمة بفعالية في تخطي هذه المحنة والخروج منها بسلام.
وبالنسبة لجهود المنظمة في التصدي لهذه الأزمة العالمية، فقد قامت الأمانة العامة بتنظيم اجتماع عن بعد للجنة الاستشارية للمرأة في 11 يونيو 2020 حول المرأة وجائحة كورونا في الدول الأعضاء بالمنظمة، والذي ناقش تداعيات الجائحة على النساء والفتيات وقدم توصيات واقترح سياسات واستراتيجيات للمؤتمر الوزاري للمرأة والدول الأعضاء وأجهزة المنظمة ومؤسساتها المتخصصة بهدف مراعاة المنظور الجنساني في الاستجابة للجائحة.
* من المعروف أن المنظمة تعنى بملف المرأة في أوقات الأزمات والكوارث الإنسانية والتهجير القسري بماذا انعكست الجهود على تحسين المشهد للمرأة في الدول الأعضاء؟
- تولي الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي اهتماماً خاصاً بالمرأة وحقوقها وحمايتها في أوقات الكوارث والأزمات، ولقد عبروا عن ذلك ضمن مبادئ المنظمة في ميثاقها بـ «صون وتعزيز حقوق المرأة ومشاركتها في شتى مجالات الحياة وفقاً لقوانين الدول وتشريعاتها». وأقروا بأن من أهداف المنظمة تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية وحمايتها، بما في ذلك حقوق المرأة، وفقاً لأنظمة الدول الدستورية والقانونية. كما تحث قرارات القمة الإسلامية المختلفة ذات الصلة بموضوعات المرأة وقرارات مجلس وزراء الخارجية الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي على النهوض بالمرأة وتنمية دورها في المجتمعات المسلمة. كما انعكس ذلك في البرنامج العشري للمنظمة (2005 -2015) المنبثق عن القمة الإسلامية الاستثنائية الثالثة التي استضافتها المملكة العربية السعودية في مكة المكرمة عام 2005 الذي حث على تعزيز القوانين الرامية إلى النهوض بالمرأة في الدول الأعضاء في المجالات كافة وحمايتها من كافة أشكال التمييز وكذلك حماية المرأة في مناطق النزاع والكوارث الإنسانية والنساء المعرضات للتهجير القسري في الدول التي تعاني من النزاع. وقد حددت الدول الأعضاء ضمن خطة منظمة التعاون الإسلامي للنهوض بالمرأة (أوباو)، والتي تعتبر توجها عمليا يعكس التزام الدول الأعضاء بمعالجة التحديات التي تواجه المرأة بما فيها حماية المرأة في مناطق النزاع وأماكن الكوارث الإنسانية والتهجير القسري، سبل وآليات ضمان حماية المرأة والفتاة ولا سيما المرأة الريفية وحصولها على المساعدة الإنسانية أثناء النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية أو تلك التي هي من صنع الإنسان والاحتلال الأجنبي والتهجير القسري وغير ذلك من حالات الضعف وذلك عبر تعزيز قدرات المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني ورجال الدين والإعلام، كما تعمل الدول الأعضاء في المنظمة على تعزيز دور المرأة في حل النزاعات وتحقيق السلام والأمن وفقا لقرار مجلس الأمن 1325.
* كيف تستطيع الـ57 دولة الأعضاء في المنظمة حماية المرأة من العنف سواء العنف الاجتماعي أو الاقتصادي ومكافحة أيضاً الاتجار بالبشر؟
- بالطبع جميع الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي تعترف بالقوانين الدولية كافة فيما يخص حماية حقوق الإنسان وحماية المرأة، وكذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وفقاً للقيم الإسلامية للعدالة والمساواة. وسوف يكون من مهام منظمة تنمية المرأة متابعة ورصد الإجراءات التشريعية والتطبيقية في الدول الأعضاء فيما يتعلق حماية المرأة من كافة أشكال العنف والتمييز والاتجار بالبشر، كذلك سيكون من دورها تطوير الأجهزة المؤسساتية ومؤسسات المجتمع المدني فيما يتعلق بحماية المرأة من خلال الندوات وورش العمل التدريبية والبرامج المشتركة التي ستنظمها المنظمة.
* كيف تعزز المنظمة مفهوم تمكين المرأة خاصة أن العالم يمر بالعديد من المتغيرات التي تستدعي مواكبة التطور؟
- كما ذكرت سابقاً تهتم منظمة التعاون الإسلامي بجميع أجهزتها ذات الصلة بموضوع تمكين المرأة في العالم الإسلامي باعتباره أحد أهم الأهداف في البرنامج العشري 2025 وفي كافة الخطط التنموية وكذلك أحد أهم أهداف التنمية المستدامة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وفي الوقت الحالي تتابع الأمانة العامة وأجهزتها ذات الصلة تنفيذ كافة القرارات الوزارية المتعلقة بتمكين المرأة في كافة المجالات وتعزيز مكانتها في المجتمع مع الدول الأعضاء. وسوف يكون من أبرز مهام منظمة تنمية المرأة تعزيز مفهوم تمكين المرأة في العالم الإسلامي خاصة في مواجهة المتغيرات والتحديات التي تستدعي مواكبة التطور العلمي والمهني والشخصي.
* كيف تقيس المنظمة أثر جهودها على واقع المرأة سواء فيما يخص تعليم المرأة وتمكينها من فرص العمل؟
- تواصل منظمة التعاون الإسلامي متابعة القرارات الوزارية المتعلقة بتعليم المرأة وتمكين فرص عملها من خلال متابعة سياسات الدول الأعضاء والتشريعات التطبيقية في هذا الشأن ودعوة الدول الأعضاء بالمشاركة في ورش العمل التدريبية والمحاضرات والندوات التي تهدف إلى تعزيز تعليم المرأة وتمكينها من خوض سوق العمل وتبوء المناصب في القطاعات كافة. كما اعتمدت الدول الأعضاء آلية لمتابعة تنفيذ خطة عمل المنظمة للنهوض بالمرأة عبر مؤشرات وتقارير دورية وتقييم للتقدم المحرز.
* كيف ينعكس حراك منظمة التعاون الإسلامي على واقع المرأة السعودية؟
- المملكة العربية السعودية هي دولة مؤسسة للمنظمة، ودولة مقر الأمانة العامة، وتتولى حالياً رئاسة القمة الإسلامية، وتولي القيادة السعودية اهتماماً كبيراً بأعمال المنظمة، وتحرص على تحقيق أهدافها من خلال تبني القرارات ذات الصلة بتمكين المرأة، ودعم أنشطتها وبرامجها في المجالات كافة. لذا فإن حراك المنظمة في هذا المجال يستمد قوته وفاعليته من دعم الدول الأعضاء وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية التي تبنت خطط، ونفذت مبادرات والاستراتيجيات تنهض بالمرأة السعودية بشكل كبير من خلال تبوئها للمناصب القيادية وارتفاع معدلات التعليم والعمل ووضع السياسات والأنظمة التي توفر البيئة المناسبة لتمكين المرأة والحفاظ على حقوقها لتقوم بدورها في المجتمع. وتثني الأمانة العامة على جهود حكومة المملكة العربية السعودية ومبادراتها في تمكين المرأة والتي أدت إلى تحقيق قفزات نوعية وتقدم ملحوظ للمرأة السعودية في المجالات كافة. والشاهد هذا الحراك النشط في الفترات الأخيرة، والذي يقوده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، رئيس القمة الإسلامية، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، عبر رؤية المملكة 20/30. ومن يرصد التطورات الخاصة بالمرأة وحقوقها يجد القفزات النوعية بالقرارات التي صدرت بهذا الشأن، سواء بأوامر ملكية أو بقرارات من مجلس الوزراء، مثل وجود سفيرات ومديرات جامعات، بالإضافة إلى تطوير أنظمة السفر للمرأة، والأحوال الشخصية، وتعديل نظام العمل، والمرور.
كما تقدر منظمة التعاون الإسلامي جهود الدول الأعضاء التي سارت على نفس النهج في دعم حقوق المرأة في المجالات كافة.